قصة مصطفى تاج الدين الموسى “كم هم لطفاء” التي رشحت إلى القائمة القصيرة لجائزة “ArabLit Story Prize” الدولية، الخاصة بالقصص المترجمة؛ قصةٌ خمس نجوم ودليل على غدر دولي بالثورة السورية.
يقول كاتبها أن “ليري برايس Leri Price ” – اسمها أيضا جائزة-عضو لجنة التحكيم، وصفت القصة:
“كم هم لطفاء” قصة رعب مخيفة، تُروى بذكاء عظيم ولمسة فنية رقيقة… الانفصال الصارخ بين المحتوى والنبرة يعكس بدقة الطرق العديدة، التي تفصل بها الوحشية المعنى عن الواقع.
لقد كدت أن أولي فرارا وملئت رعبا وأنا أقرأ قصة الكاتب النحرير، الذي ذكرني بناقد لبناني وروائي وشاعر ورئيس تحرير عدة منابر ثقافية شاعرا سوريا كرديا بالفحل، ولم يكن يعلم أن جهل “الشاعر” باللغة العربية جعلته يقترف كثيرا من الأخطاء الرائعة والترجمات الحرفية للمشاعر من الكردية إلى العربية التي تحولت إلى صور شعرية. مثل دعوة إلى المدأبة ويقصد المأدبة.
أما أسباب ترشيح اللجنة للجائزة فكثيرة فلعل أولها أنها قصة مترفة، تغريبيه، تهمش الثورة السورية وتجعلها مزاحة ودعابة ثقيلة، ربما تحيل إلى قصص الستينات الوجودية بعد الحرب العالمية، لكن القصة تعاني من ضلال فكري وجودي وتغرق في الشأن الذاتي والمحلية.
وهي قصة مكتوبة بأسلوب زكريا تامر الشعري الذي يخلط المفارقات، والشعر الحديث العربي يكثر فيه الغش، ويصعب الغش في القصة لكن الكاتب الذي يعرف بعض مهارات الصناعة الكتابية استطاع غش اللجنة لأنها قصة شعرية تشبه الشعر الحديث. بطل القصة هو شعر الرواي المجعد، ليس الوطن ولا الشهيد ولا الأرض ولا الخبز، الأطفال يهربون من الراوي الكاتب عند هبوب الرياح لأنها تحول شعره إلى شعر غول، وهذا تشبيه مناسب لكنه يتنطع فيقحم اسم ميدوزا وهو غير مناسب للأطفال وسنّهم وخوفهم لكن الكاتب مثقف وخواجة ويستلهم التراث الإغريقي.
اعتقاله من أجل شعره سبب طريف لذم الاستبداد لكننا سنعجب من مديح الكاتب للدورية التي اعتقلته.
تبدأ المفارقات برئيس الدورية الذي لم يصافح يده وإنما وجهه، فأطار سنه بالمصافحة، سنضرب صفحا عن وجه الشبه بين عنف الصفع ولطف المصافحة لكن كل جملة من جمل القصة تظهر البطر الثقافي والتعالي والاستطراف والاستظراف.
ترمي الدورية الراوي طويل الشعر الضحية بمحبة في السيارة ، هل هي سيارة فلتكن كذلك ، نسي الراوي ان يقول في صندوق السيارة الخلفي الذي يستخدم للبضائع ، الحاصل إنهم ثم يقذفونه في زنزانة ضيقة ، لا بد أن الكاتب “الكولومبي” سمع من نشرات التقارير التلفزيونية والصحافية إنهم يحشرون المعتقلين في زنزانات، استطاع ذو الشعر الطويل أن يجلس بصعوبة، ثم يسمع الكاتب الذي يسرد قصة واقعية بأسلوب المفارقات الظريفة المتنافرة ، فيسمع نزلاء الزنازين المجاورة يتابعون مباراة ريال مدريد وبرشلونة !سيتوهم القارئ إنه يمزح لكنه جاد كل الجد.
اللجنة عالمية وتعرف ميدوزا وبرشلونة، ونعم القاص الثوري الساخر من دورية تعتقل أصحاب الشعر الطويل.
يحظى البطل الرومانسي بضوء القمر في الزنزانة الأسدية، ويلاحظ صدفة عبارة كتبها معتقل: أحبك يا للينا: يعرف الكاتب النحرير أن المعتقلين يكتبون على الحيطان، الشعر طويل والزيوت ” الأدلبية” والحب أمور طامة جعلته يتنهد حسرة على العباد، لكنه يقظ لعناصر قصته -لله دره وشعره الطويل وسيجارته، فقد صافحه رئيس الدوية وأسقط سنه وهناك سن ثان تخلّع أيضاـ كتب به عبارة احبك طويلة جدا في زنزانة ضيقة: هذا الرجل يحبك يا لينا، عليك اللعنة، يجب أن تفهمي هذه الحقيقة، وعليك اللعنة أيضاً يا سميرة. لأنني أحبك، لكنك تشبهين لينا ذلك الرجل.
اللعنة عليك يا سميرة عبارات أفلام أمريكية.
الراوي يحب الثرثرة والأكروبات المشهدية، ويرسم قلبا به سهم كيو بيد ( لم يذكر الاسم ويذكر تعليقا يجعلنا نضحك كثيرا (الرجل نصف المجتمع)، لكنه جاء إلى الزنزانة للتسلية ، فيذكر علي عقلة عرسان لزميله في الزنزانة، ( أبطال زكريا تامر هم أعلام مثل طارق بن زياد أو صلاح الدين الأيوبي) يقول هذه هي طريقته في التعارف في وسائل النقل للتعارف بتعبيره الأدبي “الرفيع”: ( فتح حديث بينه وبين جاره “، المذكور هو رئيس اتحاد الكتاب العرب السابق والذي يعرفه المثقفون، لكنه يتظارف أكثر ويسخر من علم من أعلام الثورة السورية لا تعرفه اللجنة هو ميشيل كيلو، عندما يظنّ إنه سيحرر من الزنزانة وسيتشرى لكهم كيلو ميشيل ثم يعلقه المعتقلون من شعره .
وكان النقاد يسخرون من غوار الذي غمس رأسه في دلو ماء للإيهام بالتغريق فشرب الماء كله، وهكذا علق بطلنا الهمام فجرى كيُّ شعره، ثم نعرف ان الاعتقال سببه الشعر الطويل، فيذكر الراوي اسم ابيه وهو القاص المعروف في ادلب وربما سوريا لكنه غير عالمي حتى تعرفه اللجنة، فهي قصة شديدة المحلية وشديدة الذاتية، ثم ترد تشبيهات أدبية مذهلة مثلا: أضحك كمجنون، ” يضحكان. كطفلين صغيرين” لكنه الحق لم يقل: كعصفور بلله القطر مثلا، ثم يرد ذكر الالحاد والنبيذ في القصة وهي روافع للفوز في القصص العالمية، وذكر طرفتين ظريفتين أنه علق حتى لا يتعب من الوقوف، وطرفة أخرى: وهي الذبابة التي شربت من دمه.
ثم يعود الراوي -وهو الكاتب الذي يروي قصته بضمير المتكلم -لذكر آلامه وأحداها التدخين وحاجته حتى إنه يطلب من زميل معتقل سيجارة متظارف: برحمة الاتحاد السوفيتي، ووهو يعرف برنامج التضليل الاعلامي في تلفزيون الدنيا، فيذكره أيضا حتى نعرف إنه معارض، هو يقلد زكريا تامر لكن مختزلا ومشوها ومزادا بالثرثرة والتظافر.
يقول: تثاءب المحقق، وخرج هو والعنصر من الغرفة ليناما قليلاً.
كيف عرف أنهما خرجا للنوم!
هذه طريقة تعذيب لا نجدها في سويسرا، تعيدنا الى سطل غوار في مسرحية شقائق النعمان.
يعود الراوي ذو الشعر الطويل إلى الزنزانة فيجد جثمانا، يُطلب منه معرفة إذا ما كانت حية أم ماتت، ثم ينهي قصته بهذه الجملة الشاعرية الطويلة التي نستدل على نبوغ هذا الكاتب ذي الشعر الطويل الذي كوته له الدورية:
بينما القمر… من هناك… وعبر تلك الكوة الضيقة… راح يبكي علينا… مزيداً من ضوئه.
النقاط بين الجمل من تأثيرات الشعر “الحديس” علامات وبراهين الكاتب على معرفته بالفواصل وعلامات الترقيم والبلاغة الأدبية. ويبدو واضحا من الجملة أن القاص الباقعة، من هناك، عبر تلك الكوة الضيقة، لا يعرف الفرق بين يذرف ويبكي.
نسأل لماذا تاهت الثورة السورية النصر، الأسباب كثيرة، أحدها هو سيادة نظام التفاهة و وثانيها الدعم العالمي للأسد أو السكوت عن جرائمه، وثالثها منح الجوائز لأمثال مازن درويش، ووعد الخطيب التي ساوت بين الأسد وبين المجموعات الإرهابية وسافرت فرقصت مع زوجها الطبيب رقصة غربية، وتاج الدين الموسى ذي الشعر الطويل.
كم هم لطفاء و”بول شيت”، مانحو هذه الجائزة العالمية.
Be the first to write a comment.