ارتفع عدد الهجمات ضد القواعد الأمريكية في سوريا والعراق ليبلغ 29 هجوما منذ بدء معركة «طوفان الأقصى» التي أعلنتها كتائب «القسام» الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس». حيث أطلقت الميليشيات الإيرانية ليل الثلاثاء، رشقتين صاروخيتين على قاعدتين عسكريتين أمريكيتين في شمال شرق سوريا.

وتعرضت قاعدة الشدادي شرق محافظة الحسكة إلى هجوم بالطائرات المسيرة بعد ارسال رتل عسكري للقوات الأمريكية لزيادة عديدها في القاعدة المذكورة، وضمّ الرتل أسلحة ومعدات عسكرية ومواد لوجستية، وذلك من أجل تعزيز القاعدة في وجه الهجمات التي تتعرض لها في سوريا من قبل الطائرات المسيّرة الإيرانية، حسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ورفعت القواعد العسكرية الأمريكية في شرق سوريا جاهزيتها وأجرت مناورات تدريبية متنوعة الوسائط النارية، خصوصا في حقل العمر النفطي حيث شارك بالتدريبات مقالتون يتبعون إلى قوات سوريا الديمقراطية «قسد» وتتزامن التدريبات مع الهجمات التي تشنها الميليشيات الإيرانية تحت شعار «الانتقام لغزة».

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية ارسال 300 جندي إلى منطقة الشرق الأوسط، وأوضح المتحدث باسم الوزارة باتريك رايدر أن مهمتهم هي تقديم الدعم في عدة مجالات لوجستية وهندسية منها «تفكيك العبوات الناسفة والاتصالات، ودعم جهود الردع في المنطقة وتعزيز قدرات حماية القوات الأمريكية». مشددا على أن الجنود سينطلقون إلى المنطقة بدون المرور بإسرائيل في سياق محاولة التأكيد على عدم مشاركة أمريكا في الحرب على غزة.

وقال المرصد السوري إن الميليشيات الإيرانية قصفت، الاثنين، قاعدة التحالف الدولي في حقل العمر النفطي شمال مدينة دير الزور بأربعة صواريخ، وكان الهجوم بمثابة «استهداف مباشر للتعزيزات الأمريكية لحظة دخولها إلى القاعدة قادمة من الشمال» حسب ما أفاد مصدر محلي لـ «القدس العربي». وفي رد الفعل الأمريكي لفت المرصد أن الطائرات الأمريكية شنّت غارات جوية على مواقع الميليشيات الإيرانية في قريتي طابية شامية ومراط في ريف دير الزور، دمّرت خلال الهجوم منصات لإطلاق الصواريخ.

وقال متحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية إنه «كان المقصود من الضربة الأمريكية أن تكون بمثابة دليل لا لبس فيه، بالأفعال وليس فقط بالكلمات، على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل ودفاعها عنها، وبمثابة إشارة ردع لإيران وحزب الله أو أي وكيل آخر في جميع أنحاء المنطقة، قد يفكر في استغلال الوضح الحالي لتصعيد الصراع».

ومنذ 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بدأت الأذرع الإيرانية في العراق وسوريا بتبني الهجمات على القواعد الأمريكية في الدولتين تحت اسم «المقاومة الإسلامية في العراق» وتجانب التسمية الإعلان الصريح لأي من الميليشيات الشيعية التابعة لإيران. في السياق، أعلنت ميليشيا «المقاومة الإسلامية في العراق» فجر الجمعة، في بيان لها على منصة تلغرام أنها «ستبدأ الأسبوع المقبل، مرحلة جديدة في مواجهة الأعداء، نُصرة لفلسطين» مؤكدة أنها «ستكون أشد وأوسع على قواعد العدو في المنطقة».

وتبنت «المقاومة» فجر الجمعة، استهداف قاعدة الحرير الجوية قرب مدينة أربيل شمالي العراق، بهجوم طائرة مسيّرة ثابتة الجناح مذخرة أصابت نظام الدفاع الجوي في القاعدة حسب ما نقلت الوكالات المحلية عن قنوات أمنية. كما أعلنت «المقاومة الإسلامية في العراق» استهداف قاعدة التنف الأمريكية قرب المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق، يوم الخميس بطائرتين مسيّرتين متفجرتين.

وفي الإحصائيات، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» وقوع 28 هجوماً على القوات والقواعد الأمريكية في سوريا والعراق، 16 منها في العراق و12 في سوريا، وحسب الوزارة فإن الهجمات كانت مزيجاً بين الطائرات المسيرة المتفجرة والصواريخ الهجومية ذات الاتجاه الواحد.

وفي إطار رصد التصعيد في شرق سوريا ضد القواعد الأمريكية، أعلنت «حركة أبناء الجزيرة والفرات» تبني الهجوم الصاروخي على القاعدة الأمريكية يوم 26 تشرين الأول (أكتوبر) بخلاف السياسة الإيرانية في تبني اسم «المقاومة الإسلامية» لعمليات الهجمات ضد القوات الأمريكية في البلدين. والحركة هي تحالف غير واضح الأركان لمسلحين مدعومين من إيران ولكنهم في الوقت نفسه يعلنون مباركتهم ودعمهم للشيخ إبراهيم الهفل زعيم قبيلة العكيدات الذي قاد التمرد ضد قوات «قسد» المدعومة من قبل «التحالف الدولي لمحاربة داعش».

وتبنت الحركة الهجوم الصاروخي على حقل كونيكو للغاز شمال دير الزور والذي تتخذ منه قوات التحالف الدولي قاعدة عسكرية رئيسية. وفي رصد قام به «معهد واشنطن» أكد أن الهجوم المذكور هو الوحيد الذي لم تعلن «المقاومة الإسلامية في العراق» مسؤوليتها عنه، فيما أعلنت «حركة أبناء الجزيرة والفرات» مسؤوليتها عن الهجوم.

وتتوقع مصادر «القدس العربي» أن يكون الشيخ نواف راغب البشير زعيم قبيلة البكارة هو المنسق والمشرف على «حركة أبناء الجزيرة والفرات» والمسؤول عن الهجوم المذكور في ذات الوقت، خصوصا بعد توتر العلاقة بينه وبين القيادة الإيرانية عقب انتفاضة العشائر في أيلول (سبتمبر) الماضي، بسبب تقديمه معلومات مضللة عن حجم المقاتلين الموالين له والتنسيق مع باقي قادة العشائر وخصوصا الشيخ إبراهيم الهفل.

وتؤكد المصادر أنه لا يوجد تشكيل عسكري بالمعنى الحرفي، إلا أن البشير يركز في نشاطه على معاداة المقاتلين الأكراد الموالين لأمريكا واعتبارهم جزءا من محور إسرائيل بالمنطقة ويستنهض الروح القبلية لأبناء العشائر، كما يكرر أحقية أبناء القبائل العربية بثروات الجزيرة السورية وخصوصا النفط والغاز.

ورغم تناقل صفحات محلية على وسائط التواصل الاجتماعي خبر استهداف قاعدة كونيكو من قبل الحركة، فإن الأخيرة التزمت الصمت بشكل نهائي ولم تؤكد أو تنفي الاستهداف، وهي الطريقة المعتادة التي يعرفها المقربون من الشيخ البشير في الترويج لنفسه ولف تحركاته بصبغة من الغموض.

إلى ذلك، تتجنب معرفات «حركة أبناء الجزيرة والفرات» ذكر النظام السوري وأجهزته الأمنية على الرغم من الدعم المعروف من قبل المخابرات الجوية والفرقة الرابعة لوجهاء العشائر في منطقة سيطرة النظام، وتهدف من ذلك إلى كسب ود الحاضنة العشائرية المعارضة للنظام السوري وخصوصا في مناطق انتشار قبيلة العكيدات. وتدعم «الحركة» النشاط العسكري لمقاتلي العشائر العربية المتمردين على «قسد». وتروج بشكل كبير لشيخ قبيلة العكيدات إبراهيم الهفل وتسميه «قائد قوات العشائر».

فاغنر وحزب الله
وفي احتمال توسع دائرة الحرب وامتداداتها، نقلت شبكة «سي ان ان» الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين أن شركة فاغنر شبه العسكرية الروسية ستنقل منظومة دفاع جوي إلى حزب الله اللبناني بموافقة من رئيس النظام السوري بشار الأسد، ووصف وزير الخارجية أنتوني بلينكن في جلسة استماع أمام الكونغرس، الثلاثاء، العلاقة المتنامية بين روسيا وإيران بأنها «تشكل تهديدا لإسرائيل». وتعتبر منظومة «بانتسير إس-1» أو كما يسميها حلف شمال الأطلسي (إس إيه 22) منصة إطلاق صواريخ مضادة للطائرات. وتعليقا على الاتهامات، نفت الرئاسة الروسية «الكرملين» الجمعة تقريرا نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» حول الأمر.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «كل هذه التكهنات لا أساس لها من الصحة» مضيفا «هناك قنوات اتصال للطوارئ بين الجيشين الروسي والأمريكي، وإذا كانت هناك مخاوف حقيقية بشأن شيء ما يمكنهم دائما نقلها إلى جيشنا».
وسيشهد العراق تسارعا في وتيرة الاستهداف والغضب الشعبي والسياسي والذي بدأه بالفعل قادة الميليشيات والشخصيات الدينية الشيعية في العراق، والذي يطالب بالانسحاب الأمريكي من العراق مجددا التزاما بقرار البرلمان العراقي. وفي إطار سعيها لعدم توسع الحرب في المنطقة فإن الإدارة الأمريكية لن تبقي جنودا تحت القصف المستمر دون رد حازم، وهنا يطرح السؤال الكبير، هل سيقوم الرئيس جو بايدن بتوجيه ضربة كبيرة لقيادة الحرس الثوري الإيراني وقيادة الحشد الشعبي على غرار ما فعل الرئيس ترامب، أم أن القصف سيقتصر على بعض القواعد الصغيرة أو المقرات التي تحتوي على منصات إطلاق صواريخ. إلا أنه وبين الخيارين من غير المستبعد أن يقوم التحالف الدولي بهجمة كبيرة ضد تمركز الميليشيات الإيرانية على كامل ضفة نهر الفرات اليسرى من دير الزور وصولا إلى البوكمال.

القدس العربي