بمشاركة ١٢ دولة انطلقت النسخة الثانية من مؤتمر بغداد وهذه المرة في منطقة البحر الميت في المملكة الاردنية الهاشمية، ابتداءا نقول، من المفيد بالطبع ان تتطور العلاقات بين العراق ودول الجوار الى جانب العديد من الدول العربية الفاعلة، ويتحسن بمرور الوقت اداء العراق اقليميا وعربيا ودولياً،
لكن الفاعلية السياسية الخارجية ستبقى رهن الفاعلية السياسية والاوضاع الداخلية، الدولة الناجحة في الداخل هي لاشك الدولة الناجحة في الخارج، وكلما تحسنت الاوضاع داخليا زادت الفاعلية السياسية في الخارج، وفي هذا المجال لازال العراق في اضعف حالاته وأسوأها، وفي هذا المجال، نراجع التقارير الدولية والمنظمات الاممية المتخصصة، نشير الى ماتكتب وتنشر وسائل الاعلام والصحف العالمية الرصينة عن العراق، التصنيف الدولي الرديئ لكفاءة الحكم في العراق وغياب الحوكمة… وفي الجعبة الكثير. باختصار السمعة الدولية للعراق ليست في صالحة ولا تساعد على فاعلية الدور الخارجي المنتظر للعراق.
لهذا ليس من المتوقع ان يحقق العراق الكثير في مجالي التعاون والمشاركة من هكذا مؤتمرات، والدليل عدم تحقيق اية فائدة تذكر من المؤتمر الاول، اذ كيف يمكن للعراق ان يستثمر الفرص المتاحة خارجيا، وهو غير قادر على استثمارها داخليا وتحت سيطرته وفي متناول يده، ويعجز عن ترتيب اوضاعه الداخلية، على ضبط امنه، على منع تدخل الجوار في قراره السياسي، على حماية ثروته من السطو المنظم والفساد، عجزه عن حماية ابنائه من التغييب القسري، وقف القتل خارج اطار القانون، عجزه عن فرض سيادة القانون على الجميع، فشله في حماية الدستور من الانتهاكات المتواصلة، تحقيق العدالة في توزيع الثروات…. انصاف المرأة، وقف هجرة الشباب وذوي الكفاءات… والقائمة تطول!!
العراق في سجل المجتمع الدولي مع الاسف دولة فاشلة، وهذا التوصيف يكفي لوحده ان يعطل دوره المنتظر خارجياً، اما الدول المشاركة فاخشى انها في هذا الظرف بالذات لا تنظر للعراق الا بقرة حلوب وتسعى كغيرها للإثراء على حسابه، حيث العراق قطر ثري لكنه عاجز عن حماية امواله وتوظيفها للتنمية والاستقرار والتقدم بسبب الفساد المستشري، والفضائح لا تتوقف وآخرها بالطبع فضيحة سرقة القرن التي ازكمت الانوف وكشفت المستور عن مدى تفشي الداء الذي اصاب العراق ليس في اطار الوظيفة العامة فحسب بل في عموم الطبقة السياسية التي تستند للسلاح المنفلت في حماية ثرواتها الفاسدة.
الحاصل، مثل هذه المؤتمرات لا تتجاوز قيمتها عن العلاقات العامة والبروتوكولية والدعاية، وسوف يبقى العراق عاجز عن لعب أي دور خارجي فعّال حتى يتدارك اوضاعه الداخلية ويواجه التحديات والمظاهر الشاذة على اختلافها بالحكمة والعدل والحزم، ويتحول بجدارة الى دولة ناجحة من خلال نظام حكم رشيد، دون ذلك خرط القتاد.
Be the first to write a comment.