لم تكن هناك أصداء واسعة لتوقيع الرئيس الأميركي على ما يعرف اختصاراً بـ “قانون الكبتاغون”، ربما لأنه حصل في أجواء احتفالات عيد الميلاد، أو لأن استراتيجية تطبيقه لن تجهز إلا بعد ستة شهور، أما مفاعيل تنفيذه فقد تتطلّب سنة، وكأن هذه “فترة سماح” للنظام السوري وتوابعه خصوصاً في لبنان. جرى تمرير القانون كجزء من قانون ميزانية وزارة الدفاع (البنتاغون)، إسوة بـ “قانون قيصر” (2019)، سواء لإكسابه جدّية أو نظراً الى حجم الأضرار التي بات يشكّلها تهريب الكبتاغون الى دول المنطقة ولاسيما دول الخليج العربي. كثيرون سارعوا الى القول عن حقّ إن هذا القانون جاء متأخّراً ويصعب تحقيق أهدافه تحديداً لأن شبكات التصنيع والتهريب والتسويق تمدّدت وتوسّعت برعاية أجهزة أمنية وعسكرية أسدية وميليشيات إيرانية وتتكسّب منها مجموعات مدنية حزبية أو عشائرية وقبلية.

سبق لرجال دين سياسيين ولموالين للنظام و”محور الممانعة” أن أفتوا أو برّروا أي أعمال لخرق العقوبات الأميركية التي يعتبرونها “ظالمة”، لكنهم لا يرون في ممارسات نظام بشار الأسد أي “ظلم” للسوريين ولا في ممارسات نظام الملالي حيال الإيرانيين، واستطراداً السوريين واللبنانيين والعراقيين واليمنيين. ستكون هناك تعبئة لكل الجهات الاميركية المتخصصة في مكافحة التهريب، لكنها ستعتمد بشكل مباشر وأساسي على تزخيم جهود الأجهزة المعنية “لاستهداف وتعطيل وإضعاف الشبكات التابعة لميليشيات الأسد”. وإذ استبقت تقارير استقصائية وبحثية وإعلامية “قانون الكبتاغون” الى اعتبار أن سوريا النظام أصبحت “دولة مخدّرات” بعد 11 عاماً على الأزمة والحرب، فإن القانون نفسه يتبنّى هذا التوصيف في نقاطه التوجيهية لمكافحة تجارة المخدرات “المرتبطة بنظام الأسد” وتصنيفها “كتهديد أمني عابر” للحدود، مثلها مثل الإرهاب، بعدما ساهمت أنشطة النظام في مضاعفة الكميات المهرّبة بشكل مكثّف ولم يُضبط منها سوى 250 مليون حبّة منذ مطلع 2021، بحسب تقارير مختصّة، وليس هناك تقدير للكميات التي وصلت فعلاً الى وجهتها لكن يُفترض أنها أكبر.

هذه مرحلة خامسة من العقوبات الأميركية، بعد أربع مراحل سابقة لا يزال بعضٌ منها مفروضاً منذ عقود، وكان آخرها “قانون قيصر” الذي صدر متأخراً أيضاً لكنه بات يشكّل مع “قانون الكبتاغون” سياقين قانونيين لمحاسبة نظام الأسد أيّاً تكن مآلات الأزمة. كلاهما بُني على أساس واحد هو “منع القتل”، فالأول يستهدف مباشرة “آلة القتل” بأشخاصها ووسائلها، والآخر يطمح الى تفكيك شبكة التهريب التي يعتمدها النظام وسيلة لتمويل تلك “الآلة” ولتمديد بقائه سياسياً واقتصادياً في مواجهة الانهيار الشامل الذي تشهده مناطق سيطرته. لكن أوساطه، كما يفيد بعض المصادر، تواظب على الاستهزاء بكل الإجراءات الأميركية والغربية منذ احجامها عن استخدام القوة لإسقاط النظام.

هل من انعكاسات على لبنان؟ عدا الضغوط الأميركية المتوقّعة لاحقاً، لا بدّ أن السلطات الأمنية مدركة جسامة المسؤولية، إذ سبق أن وُضعت قيد الاختبار بعد القطيعة الخليجية للمنتجات اللبنانية الزراعية وغيرها. وقد انكشف لبنان بأن للدولة مراكز حدودية تحرسها وتسيطر جزئيّاً عليها، أما دويلة “حزب إيران/ حزب الله” فلديها معابر حدودية تمرّر عبرها ما تشاء، وبالنسبة الى “الكبتاغون” فالمعروف أن هناك مصانع داخل سورية تشرف عليها تلك الدويلة. سيضاف الى مهمات الرئيس اللبناني المقبل أن يكون داعماً لجهود مكافحة تهريب المخدرات، وهذا لم يرد في مواصفات “حزب إيران” للرئيس.

النهار العربي