لأن قسم كبير من شعبنا يعشق الخلاف على المصطلحات والمسميات، ويبحث عن الخلاف، ويحوله لصراع، ثم يحول الصرع لعداوة. ولديه قدرة على الاستمرار في الجدل في خلاف على تسمية، لمئة عام، مثل الخلاف على معنى الدولة العلمانية والدولة المدنية والدولة الديمقراطية والدولة الحرة.. فإنني أقترح أن نتفق على مضمون الدولة التي نموت ونعذب ونضحي لأجل الوصول إليها، بدون تسميتها بأي من التسميات.
اقترح أن تكون الدولة التي نسعى لها، قائمة على ٨ مبادئ :
١- السلطة التنفيذية يمثلها الرئيس، وهو يصل للسلطة في انتخابات عامة حرة ونزيهة وتعددية، لا بالقوة ولا بالوراثة، لمدة محددة (٤ أو ٥ سنوات) قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، والترشح للمنصب متاح لجميع المواطنين بدون أي استثناء، على أي أساس كان.
٢- السلطة التشريعية يمثلها نواب الشعب، ونواب الشعب مواطنون يختارون في انتخابات عامة حرة ونزيهة وتعددية، لمدة محددة (٤ أو ٥ سنوات) قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. والترشح للنيابة متاح لجميع المواطنين بدون أي استثناء، على أي أساس كان.
يضع نواب الشعب القوانين بحرية تامة، ولهم حق الأخذ كلياً أو جزئياً، من أي تشريع موجود في أي زمان أو مكان، أو ابتكار تشريعات لم يسبق أن وجدت في أي زمان أو مكان. ولنواب الشعب حق تغيير أو مراجعة ما اختاروه من تشريعات. باستمرار.
٣- السلطة القضائية يمثلها القضاة والمحكمون والمستشارون وكتاب العدل، وهم يتمتعون باستقلال تام عن السلطة التنفيذية، عملهم إحقاق الحق، ومراقبة تنفيذ القوانين، ويستطيعون محاكمة أعضاء السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، ويضمنون سيادة القانون على الجميع، وحماية حقوق المواطنين.
٤- الفصل بين السلطات الثلاث، فلا يتمتع شخص واحد أو جهة واحدة بصلاحيات من أكثر من سلطة.
٥- المساواة التامة بين المواطنين في جميع الحقوق وجميع الواجبات، دون أي تمييز بأي قدر كان، وعلى أي أساس كان (المعتقد، أو الرأي، أو الدين أو المذهب أو العرق أو القومية أو اللغة أو الجنس أو المنطقة أو الوضع الاجتماعي..).
٦- ضمان حرية الاعتقاد والتفكير والتعبير والتظاهر، وحرية تشكيل النقابات والجمعيات والأحزاب، وحرية واستقلال الإعلام.
٧- يضمن القانون والدستور حرمة المنازل والحياة الخاصة، فلا تستطيع أي سلطة من السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، التدخل في خصوصيات المواطنين، لا ما يلبسون، ولا ما يأكلون، ولا ما يشربون، ولا ما يسمعون، ولا معتقداتهم، ولا عباداتهم.
٨- لا يحق للجيش والقوات المسلحة وقوى الأمن، لا كمؤسسات، ولا كأفراد، التدخل في الحياة السياسية، ولا يحق لهم إبداء أي شكل من أشكال الانحياز لأي تنظيم أو حزب سياسي أو توجه عقائدي. ولا يحق لهم الترشح لأي انتخابات عامة، إلا بعد خروجهم من الخدمة العسكرية أو الأمنية لمدة لا تقل عن ١٠ سنوات”.
يجب أن نخطوا الخطوة الحضارية الضرورية لبقائنا، يجب أن نتوقف عن الجدل العقيم، والصراع اللفظي العبثي، والتحزب والتخندق البدائي الذي يسيطر علينا.
علينا أن لا نطلق تسميات على نظام الحكم أو الدولة التي تقوم على هذه المبادئ الثماني، سيكون من الحمق وصفها بأنها علمانية، أو لاعلمانية، ولا وصفها بالمدنية، ولا باللامدنية، ولا بالدينية، ولا باللادينية، ولا بالديمقراطية، ولا باللاديمقراطية.. لأن أي توصيف هو مشروع حرب كلامية عبثية، وشجار لا ينتهي.
وإذا اضطررنا للاختصار نقول نريد دولة تضمن المساواة التامة بين المواطنين، وحرية الاعتقاد والتعبير، وسيادة القانون واستقلال القضاء، واختيار الحاكم ونواب الشعب لفترة محددة بانتخابات حرة ونزيهة وتعددية، يتم تغييرهم بعدها بانتخابات حرة ونزيهة وتعددية
Comments are closed for this post.