مرة أخرى ومع بروز مسعود بزشکيان الى واجهة النظام الايراني، فقد بدأت المراهنات الغربية على إمکانية حدوث التغيير من داخل النظام الايراني شريطة أن تقوم البلدان الغربية بدعم ومساندة الرئيس المعتدل لکي يتمکن من خلال إصلاحاته المنتظرة تحقيق أهدافه في دفع النظام بإتجاه الاعتدال.

هذا التعويل الغربي يأتي بالاعتماد على تجارب سياسية لدول دکتاتورية أخرى ظهرت فيها تيارات تتباين مع توجها النظام وبدأت تعد العدة من أجل التغيير في البلاد وإنهاء الدکتاتورية فيها، لکن المشکلة إن البلدان الغربية لا تلاحظ ثمة فرق کبير في مقارنة تجربة النظام الايراني بتجارب نظم سياسية دکتاتورية أخرى، إذ أن معظم تلك التجارب التي يسعى الغرب لمقارنة النظام الايراني بها من أجل العمل على تغييره من الداخل، لم تکن مبنية على أساس نظرية دينية متطرفة کما نرة في النظام الايراني.

نظرية ولاية الفقيه التي تم تأسيس النظام الايراني عليها، هي نظرية بالغة التشدد لاشبيه لها في عالمنا بل إنها أقرب ماتکون للأفلار والمفاهيم التي کانت سائدة في عصر الاستبداد الکنسي. إذ کما جعلت الکنيسة وقتها نفسها بابا لدخول الناس الى الجنة ووسمت کل من يخالفها بالکفار الذي سيدخلون الجحيم، فإن نظام ولاية الفقيه ومنذ بداية تأسيسه ولحد الان يسير على نفس منوال الاستبداد الکنسي الذي ألمحنا إليه آنفا.

العمل من أجل إحداث تغيير في أي نهج فکري علماني ـ مدني أمر وإحتمال ممکن، ولاسيما عندما يتم کشف ثمة ثغرة فيه للمرور من خلاله وتحقيق الهدف المنشود، لکن المشکلة إنه ليس هناك من أية ثغرة في نظرية ولاية الفقيه والاهم من ذلك إن معظم دعاة مزاعم الاعتدال والاصلاح أعلنوا ويعلنون عن حرصهم على المحافظة على النظام والعمل من أجل ترسيخ بقائه ودرء الاخطار والتحديات المحدقة به، وحتى إن مجرد مشارکتهم في الانتخابات التي تقام في ظل هذا النظام فإنه دليل على إنهم جزء لايتجزء من النظام ومن إنهم في السفينة ذاتها کما شدد على ذلك العديد من دعاة الاعتدال المزعوم!

نظرية دينية قائمة على أساس التطرف وتٶمن بالارهاب وسيلة وسبيلا من أجل تحقيق أهدافها، ليس من الصعب بل وحتى من المستحيل أن يتم إجراء تغييرات فيها ولاسيما من حيث إنهاء طابع التشدد فيها أو تخفيفه، إذ أن نظرية ولاية الفقيه وکما يزعمون تعتمد على أسس ومبان فقهية مستمدة ومستنبطة من القرآن الکريم وأحاديث النبي الاکرم”ص” وأقوال الائمة الاثني عشر، وإن النظام يتصور بأن أي حديث عن إجراء التغيير في أسس هذه النظرية التي بني النظام على أساس منها، يعني الطعن بالدين! والانکى من ذلك إن دعاة الاعتدال يٶمنون بذلك ولذلك فإنهم لايسعون ولن يسعون لأي تغيير کما يأمله الغرب بل إن أقصى ما يقومون به بهذا الصدد ليس إلا مجرد تصريحات براقة وطنانة تبقى في الاطار النظري ولن تخرج عنه أبدا!