فائق المير يكتب لابنته قبل سجنه..
ابنتي “فرح” أصبحت مساء اليوم أماً ..
وابني “علي” خالا.. وزوجتي الغالية “سمر” أصبحت جدة ..
أما أنا فأصبحت عماً بناء على اتفاق تم البارحة بيني وبين فرح وصهري العزيز “أحمد”، على أن يعلموا حفيدي على مناداتي “عمي”، فأنا مازلت شاباً.
فرح التي فارقتها في العام ١٩٨٧ ولها من العمر شهران، هرباً من أجهزة قمع الطاغية الأسد الأب، والتقيتها للمرة الأولى بعد خمس سنوات من وراء شبك الزيارات في سجن صيدنايا، ونادتني وقتها: “عمو”، وحين قالت لها أمها سمر: هاد مو عمو، هاد بابا، ردت فرح وقتها رداً كان كسكين انغرست في قلبي:
هاد بابا إللي بالصورة بالبيت؟ وأجابتها سمر : إي هاد بابا اللي بالصورة.
فرح التي ضممتها للمرة الأولى بعد اثني عشر عاماً من الفراق وكانت تشبُّ وتقاربني في الطول.
فرح التي لم نألف بعضنا بعد، حتى انتزعني الطاغية الابن من عالمها في العام ٢٠٠٦ وأبعدني عنها نحو عامين في السجن مجدداً، وكانت وقتها طالبة في كلية الآداب .
فرح التي في يوم خطبتها في شباط للعام ٢٠١٠ وقبل دخولنا صالة الفرح ببعض الوقت جاءنا خبر اعتقال صديقة وهي في طريقها لإنجاز مهمة سياسية مشتركة بيننا، ولم أنزع عنها الفرحة حيث غامرت وقامرت وحضرت الفرح دون أن يشعر أحد من الحاضرين بشيء، وحين انتهى كل شيء عدنا سريعاً إلى المنزل حيث لملمت حاجياتي، فرح التي ضممتها وباركت فرحتها وخرجت من المنزل.
فرح التي لم يمضِ وقت على ذلك حتى هاجمت عصابات الطاغية منزلي فحطمت الباب واقتحمته بالبواريد ولم يكن فيه إلاها وأمها.
فرح التي تزوجت وغادرت إلى السعودية مع زوجها دون أن أكون بقربها وأودعها.
فرح اليوم أصبحت أماً وأنا بعيد عنها كما هي العادة.
فرح عيوني فرح. الحمد لله على سلامتك.
{فائق المير معارض من حزب الشعب الديمقراطي، أعتقل لمدة ٢٥ سنة، وما زال معتقل، اعتقله حافظ الأسد من عام ١٩٨٦ إلى عام ١٩٩٨، واعتقله الأهبل ابنه مرتين، من عام ٢٠٠٥ إلى عام ٢٠٠٧، ومن عام ٢٠١٣ (تاريخ كتابة هذه الرسالة) حتى الآن}.
Be the first to write a comment.