سألني رأيي في الإخوان المسلمين، ولماذا لا أنتقدهم ككل الناس، فقلت :
الإخوان المسلمون هم قوة اجتماعية دائماً، ليسوا قوة ثورية دائماً. قوة كبيرة، منظمة تنظيم جيد، هم أكبر مجموعة اجتماعية منظمة في كل الوطن العربي (ربما تكون المجموعة الوحيدة المنظمة)، وهي موجودة في كل الدول العربية، ويمكن أن تجذب المسلمين في العالم، وهذا سبب الحرب الشعواء عليها من قبل الحكومات المستبدة (هذه الحكومات عدوها الأول تنظيم المجتمع، وهدفها الأول تفتيت المجتمع) وهذا سبب الحرب عليها من قبل القوى الخارجية المعادية لحرية وتقارب العرب والمسلمين (إذاً أسباب معاداتها من قبل طغاة الداخل والخارج ١- قوة اجتماعية منظمة ٢- كبيرة ٣- موجودة في عدة دول) وكونها مسلمة وسنية يزيد الحقد عليها وكراهيتها ويستفز كل الإلحاديين والأقلويين ضدها.

ولكن لو وجدت قوة ذات جذور عميقة في المجتمع، منظمة، وكبيرة، وموجودة في كل الدول العربية، ويمكن أن تجذب أناس من دول أخرى، فبالتأكيد كانت الحكومات المستبدة والقوى الخارجية ستحاربها بشدة حتى ولو لم تكن مسلمة (حتى ولو كانت علمانية أو ملحدة أو شيوعية أو ليبرالية أو قومية..).

الإخوان تعرضوا للذبح والتصفية التامة والظلم الفادح مراراً وتكراراً، وبسبب كل ذلك أنشطتهم سرية بالغالب.

الإخوان أناس عاديين، مسلمين عاديين، مثل كل من نرى في الشارع والعمل والمسجد والجامعة.. ليسوا ملائكة ولا شياطين. من يقول لك أنهم ملائكة يكذب، ومن يقول لك أنهم أشرار ومخربون يكذب ويزور ويفتري.

من يسمع الهجوم المنظم والقاسي على الإخوان المسلمين، يظن أنهم يحكمون العالم. الحقيقة أن الإخوان أمضوا معظم حياتهم في السجون، وفي صفوف المعارضة الملاحقة بوحشية، حكموا مصر بالانتخابات الحرة لمدة سنة واحدة فقط، ولم يحكموا سورية ولا يوم واحد، وربما (على الأرجح) لن يحكموا سورية ولا دقيقة.

في سورية الإخوان هم الحزب السوري الوحيد الذي حارب النظام بالسلاح وقـ.ـتل وأصاب من النظام الكثير قبل الثورة، وانضموا للثورة من أول يوم لها. وهم عارضوا أو حاربوا النظام من يوم وصل للسلطة عام ١٩٧٠ أي قبل الثورة ب ٤٠ سنة، وهم أكثر حزب سوري قدم شهداء ومعتقلين وملاحقين وبفارق كبير جداًً جداًً جداًً عن أي حزب آخر.

أتوقع أن يفوز الإخوان بما بين ١٠ و ٢٠ ٪ في أي انتخابات حرة ونزيهة وتعددية في سورية، وبذلك سيكونون الحزب الأكبر والقوة الأكبر لأن أي حزب آخر لن يفوز بأكثر من ١ أو ٢ ٪.

من بين كل فصائل المعارضة السورية، برأيي، الإخوان أفضل ١٠٠ ألف مرة من منصتي موسكو والقاهرة، وأفضل ١٠٠٠ مرة من هيئة التنسيق ومن اتحاد الديمقراطيين والتشكيلات العلمانية والمجلس الوطني الكردي ومعاذ الخطيب، وأفضل ٥٠٠ مرة من مثقفي باريس وواشنطن وبرلين واستكهولم. بالمقابل إعلان دمشق وحزب الشعب الديمقراطي أفضل من الأخوان المسلمين قليلاً، والجيـ.ـش الحـ.ـر أفضل منهم ١٠ مرات، والثوار الأحرار أفضل منهم ١٠٠ مرة.

وأنا أنتقد الإخوان المسلمين. يوجد عشرات البوستات والمقالات والمقابلات التي انتقد فيها الإخوان، وشخصيات من الأخوان، وشخصيات محسوبة على الإخوان، ولكن أنتقدهم في الأمور التي تستحق النقد فقط، وبمقدار الخطأ فقط. ولأننا في زمان استباحة المسلمين، والإخوان المسلمين، ومطلوب عضهم وسلخهم بسبب ودون سبب وشطبهم وإقصاؤهم وشيطنتهم، يبدو “النقد عند الخطأ فقط وبمقدار الخطأ فقط”، يبدو وكأنه دفاع عنهم. أنا لا أدافع عنهم ولا أعادي من يعاديهم، أنا أدافع عن الإسلام، وأعادي من يعادي الإسلام.

أنا أنتقدهم لكنني أبداً لن أنضم إلى حشد المسعورين الذين ينهشون لحمهم:
١- لأنني استحي منهم وقد قدموا ألوف الشهداء والمعتقلين والمعذبين والمهجرين والمحاصرين والملاحقين بدون رحمة وبدون وجه حق، أنا أستحي من المعذبين، مع أن كثيرين لا يستحون
٢- الإخوان كتلة متماسكة في الشعب السوري المفتت، ولن أشارك في تفتيت الكتلة المتماسكة الوحيدة في هذا الشعب المفتت.
٣- الإخوان هم الكتلة، أو الجماعة، الوحيدة المتماسكة، في المكون المذبوح والمباد في سورية (السنة) وأكون مجرم، ومشارك في جريمة إبـ.ـادة السنة في سورية، إذا شاركت في طعن التجمع الوحيد الذي يملكه هذا المكون المستهدف بالتدمير والإبادة.