سألني : لو كنت مكان أهل السويداء ماذا تفعل ؟ قلت :

١- أواصل التظاهر كل جمعة طالما هو ممكن، ولو استغرق ذلك كل عمري، لأن التظاهر تعبير عن الإنسانية. دليل أنني كائن بشري، ذو كرامة، وعقل، وضمير، بغض النظر عن النتائج السياسية للتظاهر.

٢- أواصل التظاهر بتواضع، لا أعطي دروس لثورة ٢٠١١ ولا لثوارها، لا أعطي انطباع أنني أنا الثورة الصح وما قبلي غلط، ولا أنني الثورة الذكية وغيري غبي. وتحديداً أتجنب أن يفهم من كلامي وسلوكي أن ضحايا الثورة (مليون شهيد و١٠ ملايين مشرد ومعذب ومعتقل) سقطوا بسبب الثورة أو الثوار، فهذا غير صحيح. ضحايا الثورة سقطوا نتيجة وحشية النظام وجماعته وإيران وحزب الله وروسيا، وتواطؤ أمريكا وإسرائيل وأوربا والأنظمة المستبدة في العالم كله، مع النظام.

٣- لا أشغل نفسي أبداً في تبرير لماذا النظام لا يقمع الحراك، لأنه لا أحد يعرف يقيناً ما هو السبب الحقيقي. وتحدياً أبتعد عن التصريح أو التلميح أن سبب عدم قمع النظام لحراك السويداء هو بطولة وعبقرية أهل السويداء. حتى إذا كنت مقتنع ١٠٠ ٪ بأن هذا هو السبب، لا أقوله، ولا ألمح إليه، لأنه سيدخلني في جدال عقيم، ومؤذي، وتنافس قد أخرج منه خاسراً.

٤- لا ألح كثيراً على المحافظات والمكونات الأخرى بأن تنضم إلى حراك السويداء، فظروف المحافظات الأخرى الآن غير ظروفي، وهم أمضوا ١٢ سنة وهم يطالبونني بالانضمام إليهم ولم أنضم إليهم.

٥- لا أتدخل في تغيير أهداف الثورة، ولا تقييمها. هدف الثورة هو “سورية بدها حرية” فليكن هدف الحراك “السويدا بدها حرية” أو ليبقى الشعار هو نفسه “سورية بدها حرية” ولا أتوسع في الشرح والتفصيل، لأن كل كلمة تضاف لكلمة حرية تفتح الباب أمام الخلافات والانشقاقات والعداوات. شعارات الأممية والعلمانوية والكبة بلبنية.. وصفة مثالية للتشاحن والشقاق.

٦- لا أحمل الحراك فوق طاقته، الحراك لا يستطيع هزيمة النظام وطرد ١٠ جيوش أجنبية (٨٣٠ قاعدة عسكرية أجنبية) من سورية. الحراك رافد للثورة وحركة تحرير سورية، ولا يستطيع أن يكون رافعة لها، ولا بديل عنها، ولا قاطرة لها..

٧- أبتعد عن الفلاسفة والمنظرين والمؤدلجين ومثقفي الصالونات واللجوء البعيد، ومن يريدون تفصيل الواقع على قدر وشكل خيالاتهم وأوهامهم الفكرية. وبالذات بالذات من ركبوا الثورة وأعموا عيونها بنظرياتهم البائسة العقيمة.
أبتعد خاصة عن دواعش العلمانية، واليسار الغبي، والماويين، والتروتسكيين والنيوليبراليين .. وكل من يضع حول رقبته شال أحمر، أو يحمل سيغار كوبي.

٨- أكثر شيء أتجنبه هو الصدام مع أهل الثورة، فهؤلاء ملايين من المعذبين، الذين ذاقوا (ولا زالوا يذوقون) أهوال لم بعرفها بشر في أي زمان ومكان، هم أشخاص متوترون جداً، عصبيون جداً، هشون جداً جداً، ولا يحتملون أن يضغط عليهم أحد بأي قدر كان. هم قنابل موقوتة قابلة للانفجار لأهون الأسباب. أخليهم بحالهم، وبالذات بالذات بالذات لا أوهمهم أن خلاصهم هو على يدي. لأن خلاصهم لن يكون على يدي.