أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» مسؤوليته عن تنفيذ 11 عملية في سوريا، منذ بداية شهر شباط (فبراير) توزعت بين محافظتي الحسكة ودير الزور، استهدفت مقاتلين في قوات سوريا الديمقراطية «قسد» أو أعضاء وعاملين مدنيين في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. وتركزت هجمات التنظيم في محافظة دير الزور حيث نفذ بها وحدها عشر عمليات مقابل هجوم واحد في محافظة الحسكة. وأعلن التنظيم مقتل القيادي في «قسد» زكريا الخلف وجرح أربعة جنود امريكان في الاشتباكات التي حصلت في 26 شباط (فبراير) خلال الهجوم الذي شنته قوات التحالف الدولي مدعومة بقوات من «قسد «في قرية الحجنة التابعة لناحية البصيرة في ريف دير الزور الشرقي. وهي القرية الواقعة على الضفة اليسرى لنهر الفرات وهي ضمن منطقة النفوذ الأمريكي في سوريا. وخلال الهجوم المذكور قتل أبو حمزة الأنصاري حسب ما أقر التنظيم ورصدت «القدس العربي».

في المقابل، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية في بيان، نهاية الأسبوع الماضي، أن «قوات التحالف الدولي للقضاء على داعش» شنت 48 عملية ضد التنظيم المتشدد في كل من العراق وسوريا خلال شهر شباط(فبراير) أسفرت عن مقتل 22 عنصراً واعتقال 25 آخرين».

وأشارت القيادة المركزية إلى تركز العمليات في العراق بمعدل 33 عملية مشتركة في العراق، قتل فيها 17 عنصراً من التنظيم واعتقل 14 عنصراً آخرين. في حين نفذت في سوريا 15 عملية مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية «قسد» وعمليتين منفردتين من قبل الجيش الأمريكي، أدت العمليات في سوريا إلى مقتل 15 من عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» واعتقال 11 عنصراً آخرين.

ونوه بيان القيادة الأمريكية إلى اعتمادها بشكل كبير على القوات المحلية وخصوصا «قسد» للضغط على التنظيم في سوريا. وأقرت بإصابة «أربعة جنود أمريكيين وكلب في الخدمة أصيبوا في هذه العمليات، ويتلقون العلاج، فيما لم يقتل أي شخص من القوات الأمريكية».

في السياق، قتل التحالف الدولي ما يعرف بـ «أمير الإدارة العامة للولايات» الملقب بأبي سارة العراقي ومرافقه يوم 24 شباط (فبراير) في منطقة مشهد روحين الواقعة على الطريق بين دير حسان وقاح وهي منطقة المخيمات قرب الحدود التركية. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القتيل كان قياديا في تنظيم «حراس الدين» الموالي لتنظيم «قاعدة الجهاد العالمي.

وحذر قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل إريك كوريلا من أن تنظيم «الدولة الإسلامية» لا يزال «يحتفظ بالقدرة على توجيه الهجمات وإلهامها وتنظيمها وقيادتها في المنطقة وخارجها، كما لا تزال أيديولوجية التنظيم الدنيئة غير مقيدة».

إلى ذلك، يعتبر شهر شباط (فبراير) أكثر الأشهر دموية في البادية السورية منذ القضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية في الشام والعراق» في منطقة الباغوز شرق سوريا في ربيع عام 2019 حيث قتل العشرات من العمال المياومين الذين يعملون في جمع ثمرة الكمأة، وتبادلت أطراف عدة الاتهامات حول المسؤولين عن الهجوم. فقد حملت قبيلة بني خالد مسؤولية مقتل أبنائها للميليشيات الإيرانية العاملة في منطقة البادية.

وأصدرت قبائل في البادية السورية بيانا اتهمت فيه «لواء فاطميون» الأفغاني بمقتل 75 شخصاً من أبنائها في مجزرة بشعة حصلت في منطقة الضبيات بريف السخنة شمال مدينة تدمر الأثرية. ولفتت القبائل إلى أن أغلب القتلى هم من قبيلة بني خالد، لافتا إلى أن جميع القتلى هم من «المدنيين العزّل الذين كانوا يعملون في جني الكمأة». وخاطب البيان «المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لأخذ دورها لمحاسبة نظام الأسد والحرس الثوري الإيراني» وشددت القبيلة على أنها صاحبة الادعاء ضد المسؤولين عن تلك المجزرة.
وازدادت وتيرة الهجمات بعد «مجزرة السخنة» ضد المدنيين ورعاة الأغنام على تخوم البادية السورية حيث قارب عدد القتلى من عمال جني الكمأة ورعاة الأغنام المئة قتيل تقريبا حسب إحصاءات ناشطين محليين.

وبعيد مجزرة السخنة بأيام قليلة، هاجم مقاتلو تنظيم الدولة عناصر يتبعون الدفاع الوطني بريف الرقة الجنوبي كانوا يجمعون الكمأة، أغلبهم من ريف منطقة السفيرة بريف حلب الشرقي.

وقتل الخميس الماضي، ثلاثة رعاة للأغنام وسرقت مئات الأغنام في منطقة مراعي تل سلمة بريف سلمية الشرقي وهي منطقة نشاط لمقاتلي تنظيم «الدولة» إلا أن التنظيم تجنب في كل تلك الحوادث ذكر أي علاقة تربطه بها. وهاجم مقاتلو التنظيم دورية لقوات النظام السوري في منطقة السخنة، أدت لمقتل عنصر على الأقل من قوات النظام.

ونهاية شهر شباط (فبراير) قتل 8 مدنيين وأصيب آخرين بانفجار ألغام أرضية يرجح أن يكون تنظيم الدولة قد زرعها في البادية السورية في منطقة المستريحة شرق سلمية. وقالت وكالة الأنباء السورية «سانا» أنه أثناء توجه مجموعة من المواطنين لجمع فطر الكمأة بريف السلمية الشرقي، انفجر لغم تركه تنظيم «الدولة» ما أدى إلى مقتل تسعة مواطنين وإصابة اثنين آخرين. وأضافت الوكالة أن انفجارا ثانيا وقع في المنطقة ذاتها ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 10 آخرين.

ويعتبر «موسم الكمأة» أحد أهم المواسم التي يعتمد عليها سكان البادية في تحسين أوضاعهم الاقتصادية في بداية فصل الربيع، حيث يعمل الآلاف بذلك الموسم، حيث يبلغ سعر الكيلو الواحد منها قرابة 100 ألف ليرة سورية (15 دولار تقريبا). ووجد الضباط الأمنيون والعسكريون لدى النظام السوري موسم الكمأة إحدى الموارد الهامة لهم حيث بنوا شبكات اقتصادية مع تجار الكمأة ينالون منها حصة يومية مقابل السماح للتجار بالبحث عن الثمرة في مناطق سيطرتهم في البادية السورية، وترجح تقديرات متقاطعة أن يكون السبب في تلك الحوادث والمجازر المتكررة والاعتداء على العمال المياومين بسبب الصراع على مناطق جني الكمأة.

من ناحية عملية، فإنه من المستبعد تورط تنظيم «الدولة الإسلامية» بكل تلك الهجمات على العمال بجني الكمأة. فتكرارها سيؤدي إلى نقمة كبيرة على خلايا التنظيم النشطة على تخوم البادية، وهذا بدوره سيضيق على تحركات الخلايا ونشاطها، فالأخيرة تعتمد بشكل أساسي على القرى المنتشرة على تخوم البادية في عمليات التموين وشراء الغذاء والمحروقات وكل ما يلزمها، كما أن تلك المناطق تعتبر شبكة الطرق التي يعتمد عليها التنظيم في نقل مقاتليه وتحركهم بين مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي ومناطق سيطرة «قسد» في ريف الرقة ومناطق شرق سوريا.

إضافة إلى أن قسما لا بأس به هم من أبناء العشائر المحلية، وهو ما يشكل حماية معتادة لتلك الخلايا في شرق سوريا، كل تلك الأسباب ترجح أكثر فرضية تورط الميليشيات الإيرانية التي تدرك ما سبق، وترغب بمنع أي نشاط مدني باتجاه عمق البادية.

القدس العربي