أعلنت اللجنة القضائية العليا للانتخابات التابعة للنظام السوري، الخميس، نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع التي جرت يوم الإثنين 15 تموز (يوليو) الجاري.
وقال رئيس اللجنة القاضي جهاد مراد خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى وزارة العدل إن «عدد المواطنين السوريين الذين يحق لهم الانتخاب هو 19.23 مليون و200 ألف و325 مواطن، انتخب منهم 7 ملايين و326 ألفاً و844 مواطنا بنسبة مشاركة بلغت 38.16 في المئة».
وأشار مراد أنه» يمكن للمرشح الذي لم يفز بالانتخابات أن يتقدم بطعن أمام المحكمة الدستورية العليا خلال الأيام الثلاثة التالية لإعلان نتائج الانتخابات، حيث يسجل الطعن في سجل خاص لدى المحكمة التي ستقوم بإجراءاتها للنظر في صحة أي اعتراض» على أن يقوم بالطعن «بعد إعلان اللجنة أسماء الفائزين بعضوية مجلس الشعب».
وأكد القاضي على أن «اللجنة القضائية العليا للانتخابات أعادت الانتخاب والفرز في عدد من المراكز في حلب وريفها واللاذقية وحماة ودرعا بسبب وجود مخالفات تتعلق غالباً بوجود عدد مغلفات يزيد على عدد المقترعين بنسبة تزيد على 2 في المئة، وهذا ما نصت عليه المادة الـ 68 من قانون الانتخابات».
وانتهت عمليات التصويت لانتخابات المجلس الساعة التاسعة من مساء الإثنين في مراكز الاقتراع بالمحافظات، حيث بلغ عدد المراكز 8151 مركزا، تنافس فيها 1516 مرشحا للفوز بعضوية مجلس الشعب المؤلف من 250 مقعدا.
ورصدت «القدس العربي» إعادة الانتخاب في عدد من المراكز في محافظات درعا وحماه وحلب ومناطق حلب واللاذقية، بعد تسجيل اعتراضات حول وقوع مخالفات في تسجيل الأوراق الانتخابية، وجرى توقيف بعض اللجان الانتخابية وإحالتهم إلى التحقيق القضائي حيث سجن بعضهم بتهم التزوير. إلا أن رئيس اللجنة العليا برر الخروقات بأن صناديق الاقتراع التي تمت إعادة الانتخاب فيها «لم تؤثر على نتائج الانتخابات النهائية للمرشحين» في محاولة منه للتخفيف من مسألة التلاعب بالصناديق.
وكما حال انتخابات الدورة التشريعية السابقة، حافظ الضباط الأمنيين والعسكريين السابقين على حصتهم من المقاعد المعتادة، حيث وصل إلى عضوية المجلس العميد صايل أسعد داود، نائب رئيس فرع المخابرات الجوية في المنطقة الوسطى والمعروف بسجله الإجرامي خلال عامي 2011 و 2012 ضد المتظاهرين ويعتبر الضابط المسؤول عن مجزرة الساعة في حمص وحصل الضابط المسيحي الذي ينحدر من قرية رباح في ريف حمص الغربي على 600 ألف وهي المرة الأولى التي يترشح فيها لعضوية المجلس. ورعى داوود تشكيل ميليشيا الدفاع الوطني في مدينة حمص وقام بتسليحها.
كذلك نجح اللواء الدكتور هيثم محمود عمران مدير كلية القيادة والأركان سابقا بعضوية المجلس عن محافظة اللاذقية وينحدر من قرية ريحانة متور التابعة لجبلة على الساحل السوري ولديه ابن ضابط برتبة نقيب قتل في المواجهات مع فصائل المعارضة عام 2014.
ومن الضباط البارزين الصاعدين إلى مجلس الشعب اللواء الطيار إبراهيم حسين الشاهر، رئيس أركان القوى الجوية السابق، وهو من الضباط المتهمين بجرائم حرب حيث خدم في مطاري تياس الحربي «تي فور» ومطار الشعيرات وهو قائد قاذفة سوخوي ـ 24 الروسية المشهورة. وينحدر من قرية زغير شامية في دير الزور وينتمي إلى فخذ الهلامية في قبيلة البكارة، ورشح عن قائمة دير الزور.
واستمر المساعد أول في الشرطة، وائل ملحم ومرافق غازي كنعان، بعضوية مجلس الشعب التي بدأها في عام 2007 حيث دخل المجلس ولم يخرج منه، ويذكر أن المساعد المغمور واحد مرافقي كنعان تحول منذ مقتل كنعان إلى أحد أكبر رجال الأعمال في حمص، ودعم أخيه باسل في عضوية مجلس محافظة حمص، حيث تورط الأخير في تجارة المخدرات والعديد من قضايا الفساد ويملك وائل شركة أسمنت وأصبح من الواجهات الاقتصادية الكبيرة في حمص.
من الضباط السابقين والمطرودين من الجيش السوري، يوسف حسن سلامة، والذي عمل خارج سوريا وعاد إليها ليظهر قائدا لمركز كتائب البعث في دمشق. ورغم نشاطه الإجرامي في دمشق إلا انه رشح على قائمة البعث في حمص، ويعتبر من أثرياء الحرب الجدد. وهي الدورة التشريعية الأولى لسلامة في المجلس ويذكر أنه من أبناء الطائفة العلوية.
هذا وحافظ اللواء عبد الرزاق صالح بركات، على مقعده ممثلا عن التركمان في قائمة مناطق حلب التي تضم 32 مرشحا، ودخل بركات المجلس أول مرة عام 2015 لملء مقعد شاغر، ولاحقا دورة 2016 ودورة 2020 إضافة إلى الدورة الحالية 2024-2028 وترأس بركات مدير الإدارة الذاتية في وزارة الداخلية في العام 2013 وقبلها كان قائدا لشرطة محافظة حمص. وضمت قوائم الفائزين ضباطا مسرحين عائدين للخدمة في كتائب البعث مثل اللواء المتقاعد مصطفى سكري المصطفى الذي فاز بقائمة البعث عن محافظة حماه، وهو ضابط متقاعد من وزارة الداخلية برتبة لواء، وكان رئيس جهاز مكافحة المخدرات بحلب، ورئيس فرع الأمن الجنائي في محافظة حماه ودمشق، ثم قائد شرطة طرطوس، ثم قائد شرطة دمشق، وبعد ترفيعه لرتبة لواء عُين معاونا لوزير الداخلية، حسب ما وثقت نشرة «مع العدالة» المتخصصة بملاحقة مرتكبي جرائم الحرب من ضباط النظام وقادة الميليشيات التابعة له.
ويعتبر المذكورين أهم ضباط النظام وأرفعهم رتبة عسكرية، إضافة إلى اللواء المتقاعد أسعد سعيد عوض مدير إدارة الدفاع المدني في سوريا ممثلا على قائمة البعث في حماه. والعميد عبد الناصر الحريري عن درعا، واللواء أحمد محمود حجازي عن محافظة ريف دمشق لأول مرة، وقد ترشح في الدورة السابقة عام 2020 إلا أنه فشل من الحصول على مقعده. واللواء الدكتور المهندس عامر محمد كمال غريب عن لائحة البعث في اللاذقية، وهو ضابط أكاديمي ومدرس سابق في الأكاديمية العسكرية وفي جامعة الاتحاد الخاصة حاليا وحاصل على دكتوراه في الاتصالات من روسيا. وعن السويداء صعد العميد المتقاعد حكمت علي أبو غازي لعضوية المجلس لأول مرة.
وأبقى النظام السوري على تواجد قادة الميليشيات الرديفة له كجزء من مكافأتهم للوقوف إلى جانبه كما جرت العادة منذ دخولهم لعضوية مجلس الشعب لأول مرة عام 2016.
حيث احتفظ حسن سلومي قائد الدفاع الوطني في الحسكة بمقعده مرة أخرى في المجلس، وهو اليد اليمنى للحاج مهدي، القيادي في حزب الله اللبناني والمسؤول عن محافظة الحسكة، ويقوم سلومي بمهام أمنية وعسكرية دقيقة للغاية في مناطق النفوذ الأمريكي شرق سوريا، منها عمليات استهداف القواعد العسكرية الأمريكية بالصواريخ والطائرات المسيرة.
كما حصد فراس ذياب الجهام (فراس العراقي) قائد الدفاع الوطني في دير الزور والمدعوم من إيران عددا كبيرا من أصوات المحافظة، وتصدر عمار بديع الأسد القيادي في ميليشيا الدفاع الوطني باللاذقية نتائج المحافظة، ومعه نجح صهره الضابط السابق جهاد بركات قائد فوج مغاوير البعث باللاذقية وزوج انتصار بديع الأسد، وفاز الأخيران بمقاعد قائمة البعث في المحافظة. كما صعد قائد الدفاع المحلي في بلدة محردة المسيحية بريف حماه، ماهر محفوض قاورما، وهو عضو بالدورة السابقة 2020-2024 ومدعوم روسيا.
ومَثلَ قادة الميليشيات الحلبية العضوان في الدورة الأخيرة، حسن شعبان بري وهو زعيم العائلة الشهيرة الموالية للنظام، وعمر حسين الحسن عن قائمة مناطق حلب. وهو رئيس المكتب السياسي في لواء الإمام محمد الباقر الموالي لإيران. في حين خسر السباق حسن محمد شهيد قائد ميليشيا العساسنة المنحلة، وكسب عبيد شريف عبيد العيسى من بلدة السفيرة بريف حلب الشرقي مقعده لأول مرة، وهو قائد ميليشيا عشائرية محلية قاتلت إلى جانب النظام مبكرا.
وكذلك بقي محمد خير دياب الماشي ابن العضو التاريخي لمجلس الشعب سابقا، وكذلك صعد الشبيح المحلي محمد نزار ميدو من منطقة الشيخ سعيد بريف حلب الشرقي.
وفي السياق، حافظ عهد ضاهر السكري على مقعده عن حمص للمرة الثانية على التوالي، وهو الواجهة المالية لقائد الدفاع الوطني في حمص صقر رستم، وقفز خالد الضاهر عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الفلاحين إلى مقعد مجلس الشعب عن إدلب للمرة الأولى، عضوا عن شريكه وصديقه فؤاد علداني الذي رُفعت عنه الحصانة قبل شهور بسبب تورطه بالفساد، ويذكر أن الضاهر قائد لميليشيا «صقور الضاهر» المحلية في منطقة أبو ظهور في إدلب ومحسوب على إدارة المخابرات الجوية، واللواء سهيل الحسن سابقا وكانت الميليشيا الخاصة به تقاتل تحت امرة النمر في ريف حماة الشرقي وريف إدلب أيضا.
واللافت في الانتخابات الأخيرة، استبعاد باسل سودان عضو المجلس الأخير ورئيس لجنة الصداقة البرلمانية السورية الروسية فيه وهو قائد كتائب البعث في سوريا، ومقرب من عمار ساعاتي زوج لونا الشبل بشكل كبير، فيما انتزع نائب سويدان وقائد كتائب البعث في ريف دمشق مجاهد فؤاد إسماعيل مقعده عن قائمة البعث هناك، وأيضا استبعاد سامر ايوبي المقرب من ساعاتي في دمشق، كما يسجل غياب كل من رجل الأعمال السوري سامر الدبس، واستبعاد عاطف الزيبق رئيس اتحاد الفروسية والمقرب من ماهر الأسد وزوجته منال جدعان. ومن الخاسرين كان يعرب زهر الدين ابن العميد في الحرس الجمهوري عصام زهر الدين، ويقود ميليشيا «نافذ أسد الله» التي أسسها والده قبل مقتله في دير الزور.
إلى جانب هؤلاء نجح أبناء مسؤولين سابقين وحاليين خصوصا في المناطق التي ما زالت خارج سيطرة النظام السوري مثل دير الزور وإدلب وحلب، حيث حصل رئيس اتحاد شبيبة الثورة في سوريا المحامي سومر فيصل الظاهر، على مقعده البعثي، والظاهر ابن لضابط متقاعد مغمور، تقاعد قبل عام 2011 وعاد للخدمة مع انطلاقة الثورة وعمل في فرع الأمن العسكري تحت قيادة اللواء جامع الجامع، قتل بكمين للجيش الحر في دير الزور، ومنذ ذلك الوقت تقدم ابنه الشاب ليحصد وقوف ابيه في صف الأمن العسكري. وفي إدلب جرى ترقية أعضاء فرع الحزب وموظفو الدولة إلى عضوية مجلس الشعب الجديد. ونجح آلان علي بالفوز بمقعد الأكراد في حلب منذ العام 2016 في كل الدورات التشريعية دون انقطاع.
لا تشير نتائج الانتخابات التشريعية لدى النظام بأي تغيير محتمل، فقد حافظت على نفس الحصص للجميع رغم انها أبعدت وجوها قديمة وأحلت وجوها جديدة عوضا عنها، والخطير في أمرها أكثر من نتائجها هو إصرار النظام على تجاهل عملية الانتقال السياسي والقرار 2254 والأسوأ من ذلك هو ردود الفعل الدولية والإقليمية وموقف المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، إذ تعتبر تحديا لجهوده وتعلن إخفاقه بشكل واضح وجلي.
القدس العربي
Be the first to write a comment.