لاهاي ـــ أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان “النظام السوري قصف محافظة درعا بقرابة 11 ألف برميل متفجر قتلت 1177 مدنياً 40% منهم أطفال ونساء”، مشيرة إلى أنَّ استخدام البراميل المتفجرة من قبل النظام السوري تسبَّب في تشريد مئات الآلاف، وسهل عملية السيطرة على أراضيهم وممتلكاتهم.
تحدَّث التقرير عن استخدام النظام السوري للبراميل المتفجرة كسلاح ابتداءً من تموز/ 2012، وكيف عمل على تصنيعها في ورشات عمل مخصصة لهذه المهمة، واستهدف بها المناطق التي خرجت عن سيطرته، مقدماً شرحاً عن آلية صناعتها وعملها. وأورد التقرير دلائل تثبت أنَّ البراميل المتفجرة هي سلاح عشوائي ومن المستحيل إصابة هدف محدد ودقيق باستخدامها، وبالتالي فهي لا تميز بين الأهداف المدنيَّة والعسكرية، ويُشكِّل استخدامها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
استعرض التقرير عمل الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان الكثيف على توثيق استخدام النظام السوري للبراميل المتفجرة، التي رافقها إصدار مئات الأخبار عن أبرز الحوادث التي يتم توثيقها، إضافةً إلى عشرات التقارير التي أصبحت مرجعية للعديد من الجهات والحكومات، وبشكل خاص بعد أن صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم /2139/ الذي أدان بشكل واضح استخدام النظام السوري للبراميل المتفجرة، وطلب من الأمين العام إعداد تقارير دورية عن مدى التزام النظام السوري بعدم استخدامها. وقد سجَّل التقرير إلقاء طيران النظام السوري المروحي وثابت الجناح ما لا يقل عن 81916 برميلاً متفجراً على مختلف المحافظات السورية منذ تموز/ 2012 حتى آذار/ 2020، وهو آخر تاريخ موثَّق ضمن قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان عن استخدام البراميل المتفجرة في عموم سوريا، وقد تسبَّبت هذه الهجمات بالبراميل المتفجرة في مقتل ما لا يقل عن 11087 مدنياً، بينهم 1821 طفلاً، و1780 سيدة (أنثى بالغة)، إضافةً إلى تسببها بما لا يقل عن 728 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة، بينها 104 اعتداءات على منشآت طبية، و188 على مدارس، و205 على مساجد، و57 على أسواق، إضافةً إلى تنفيذ قوات النظام السوري 93 هجوماً ببراميل متفجرة محملة بغازات سامَّة، و4 هجمات نفذتها ببراميل متفجرة محملة بمواد حارقة على مناطق مدنية.
وقد أتى هذا التقرير استكمالاً لجهود الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في ملف توثيق البراميل المتفجرة، إذ تم تخصيصه للحديث عن استخدام هذا السلاح العشوائي في محافظة درعا التي تُعدُّ من أولى المناطق في سوريا التي تم فيها استخدام سلاح البراميل المتفجرة من قبل النظام السوري لاستهداف التجمعات السكنية، والمرافق الحيوية المدنية، والخطوط الخلفية البعيدة عن جبهات القتال في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام السوري في المحافظة، حيث سجَّلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان وقوع عشرات المجازر بحقِّ المدنيين ودمار واسع في هذه المناطق، إضافةً إلى حالات الذعر والخوف التي تصيب السكان المدنيين من تبعات انفجار هذه البراميل.
وقد وثَّق التقرير إلقاء طيران النظام السوري المروحي وثابت الجناح قرابة 11153 برميلاً متفجراً على محافظة درعا جنوب سوريا منذ تموز/ 2012 حتى آب/ 2018، وأضاف التقرير أنَّ الحصيلة الأعلى لإلقاء البراميل المتفجرة على محافظة درعا كانت في عام 2015 تلاه عامي 2017 و2014، حيث شهدت هذه الأعوام الثلاثة إلقاء سلاح الطيران التابع للنظام السوري نحو 75% من الحصيلة الإجمالية للبراميل المتفجرة التي تم إلقاؤها على المحافظة.
سجَّل التقرير مقتل 1177 مدنياً، بينهم 272 طفلاً، و193 سيدة (أنثى بالغة)، جراء استخدام النظام السوري لسلاح البراميل المتفجرة في محافظة درعا منذ تموز/ 2012 حتى آب/ 2018، مشيراً إلى أنَّ حصيلة الضحايا من الأطفال والنساء بلغت قرابة 40% من حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلوا جراء استخدام النظام السوري لسلاح البراميل المتفجرة في محافظة درعا، وهي نسبة مرتفعة جداً، وتؤكد أنَّ الهجمات استهدفت المدنيين. كما ذكر التقرير أنَّ البراميل المتفجرة تسبَّبت منذ تموز/ 2012 حتى آب/ 2018، بما لا يقل عن 39 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في محافظة درعا، بينها 11 على منشآت طبيَّة، و6 على مدارس، و6 على أماكن عبادة، و4 على أسواق، وفقاً لقاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان.
كذلك نوَّه التقرير إلى اتباع النظام السوري بدعم من روسيا وإيران سياسة “الأرض المحروقة” ضد المناطق الخارجة عن سيطرته في محافظة درعا، عبر تنفيذه لأعمال عسكرية مع حملة من القصف الأرضي والجوي المكثَّف والهمجي، الذي استخدم فيه البراميل المتفجرة، لإجبار سكان هذه المناطق على قبول اتفاقات تسوية قسرية بشروطه مقابل منحهم الحقَّ بالعيش بعيداً عن وطأة القصف والعمليات العسكرية.
أكَّد التقرير على أنَّ النظام السوري لم يكترث لقرار مجلس الأمن رقم /2139/، الذي صدر في 22/ شباط/ 2014، وانتهكه قرابة 9428 مرة في محافظة درعا، حيث استمر استخدامه المكثَّف للبراميل المتفجرة في هجماته على محافظة درعا ولم يتوقف عن قصفها بهذا السلاح حتى آب/ 2018 بعد أن أعلن سيطرته على كامل المحافظة، إذ لم تسجل الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان عودة استخدامه لهذا السلاح في درعا منذ ذلك التاريخ وحتى لحظة إعداد هذا التقرير.
خلص التقرير إلى نتائج عدة من أبرزها إثبات أنَّ هدف النظام السوري من استخدام البراميل المتفجرة هو إلحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية والأضرار المادية الممكنة في المناطق العمرانية التي خرجت عن سيطرته والمأهولة بالسكان المعارضين له، وأنَّ الدمار بحد ذاته هو غاية للنظام السوري، ويهدف من تدمير أكبر قدر ممكن تشريد أكبر عدد من أهالي محافظة درعا التي عارضت النظام السوري، واستغلال ذلك لاحقاً في عملية إعادة الإعمار التي ستكون له اليد الطولى فيها من خلال ترسانة من القوانين والتشريعات التي وضعها بهدف السيطرة على ممتلكات المختفين والمشردين قسرياً. وأكدت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ استهداف المناطق السكنية بهذا السلاح العشوائي يرقى لمستوى جريمة حرب، كما أنَّ قتل المدنيين بهذا الشكل يعتبر جريمة ضد الإنسانية، وأنَّ عدم وجود رد فعل رادع من قبل مجلس الأمن والمجتمع الدولي، شجَّع النظام السوري على الاستمرار باستخدام هذا السلاح البدائي والهمجي.
أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي بإدانة فشل النظام السوري في الالتزام بالقرار 2139 وتحميله كافة المسؤوليات عن الدمار والتشريد وما يتبعه من نهب للأراضي والممتلكات، كما أوصى المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتوثيق الانتهاكات في محافظة درعا وبشكل خاص انتهاكات السكن والملكية التي نتجت عن تدمير النظام السوري عشرات آلاف المباني فيها. وطالب التقرير المجتمع الدولي بعدم إعادة أي شكل من أشكال العلاقات مع النظام السوري الذي استخدم سلاح البراميل البدائي ضد شعبه وقتل ودمر وشرَّد ملايين السوريين.
Be the first to write a comment.