تحت عنوان: “عودة بشار الأسد إلى الجامعة العربية أكدت قيام/ تثبيت شتاء عربي ديمقراطي”، قالت “لوموند” الفرنسية في عمود للكاتب بالصحيفة جيل باري، إنه قبل ثلاثين عامًا، أدى فشل المنطقة العربية في الانضمام إلى الموجة العالمية لرفض الديكتاتوريات، من أمريكا اللاتينية إلى الجمهوريات الاشتراكية السابقة في أوروبا الشرقية، إلى جعلها حالة شاذة […] بسبب المواعيد الفائتة مع التاريخ، يجد الشرق الأوسط نفسه بفضول في وقت من التقوية الاستبدادية لوحظت في جميع أنحاء العالم.

واعتبرت الصحيفة أنه لا يمكننا أبدًا أن نشكر فولوديمير زيلينسكي بما يكفي لحضوره قمة جامعة الدول العربية في مدينة جدة السعودية، وهو اجتماع لم يعد يجذب الكثير من الاهتمام. وقد خطف الرئيس الأوكراني الذي يقف بلده في وجه الجيش الروسي الأنظار بهذه المناسبة من رئيس النظام السوري بشار الأسد، الديكتاتور الذي بقي في السلطة بفضل الكرملين على حساب سحق جزء من شعبه، على حد تعبير الصحيفة.

“لوموند”، أشارت إلى أن عودة السوريين إلى جامعة الدول العربية، التي أرادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جاءت بعد اثني عشر عامًا من النفي بسبب القمع الدموي لانتفاضة داخلية. وأكدت عملية الاندماج هذه إقامة شتاء عربي ديمقراطي، قد يستمر.
منحدر موثوق

وتابعت الصحيفة القول إنه خلال عقدين من الزمن، اهتزت المنطقة بسبب محاولتين لإرساء الديمقراطية. الأولى خارجية، بمبادرة من الولايات المتحدة والتي رأت في تراجع السلالات العسكرية وسيلة لتحقيق الاستقرار الذي يحفظ مصالحها. ولقد ضاعت على الفور تقريبًا في رمال العراق، بعد غزو عام 2003. والثانية داخلية، انطلقت من تونس في ديسمبر عام 2010، مترجمة تطلعات الشعب. وقد تأثرت الأخيرة برفض القوى المتحجرة بقدر ما تأثرت بالمبادئ العالمية إلى حد ما، المشتركة، على أي حال، في ليبيا ومصر وسوريا وبعد ذلك بقليل في لبنان والسودان والجزائر.

هذه المبادئ فقدت مصداقيتها باعتبارها بدعًا غربية معروفة جيدًا. يتعلق الأمر بإمكان إبداء الرأي في الطريقة التي يُحكم بها البلد، والتطلع إلى سيادة القانون التي تكون فيها القواعد هي نفسها للجميع، وحيث تكون العدالة عادلة، وحيث تلتزم الحكومات أخيرًا حدا أدنى من الشفافية.

ومع ذلك، تواصل “لوموند”: سرعان ما تلاشى الأمل الذي جلبه “الربيع العربي” عندما تبدد سراب التعبئة التي أنتجتها الشبكات الاجتماعية، بدون منظمات أو برامج، الأمر الذي مهد الطريق للثورة المضادة، التي تشكل المنحدر الاستبدادي الحالي للنموذج التونسي، وعودة سوريا بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية أحدث حلقاتها.

ويجد الشرق الأوسط نفسه في وقت من التشدد الاستبدادي الذي لوحظ في جميع أنحاء العالم.. وقد تعزز من خلال التحول الاقتصادي نحو آسيا والعملاء والمستثمرين الذين لا يعرفون شيئًا عن حقوق الإنسان تمامًا […] ويركز ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على تحويل بلاده إلى دولة وطنية. فمن الناحية العملية، أصبح النظام الملكي السعودي الآن عموديًا تمامًا.

سوريا في حالة يرثى لها

ومضت “لوموند” إلى القول إن انتصار الحكام المستبدين يترك، مع ذلك، مسألة فاعليتهم مفتوحة.. فنحن، تضيف الصحيفة، نعلم قيمة حجة الاستقرار التي قدمها هؤلاء الحكام: في سوريا، جرى دفعها على وجه الخصوص على حساب تدمير حماة عام 1982 […] لكن الأمر مختلف تمامًا بالنسبة إلى أغلبية بلدان جامعة الدول العربية، التي بات جزء منها بالفعل في حالة هلاك وتآكل بسبب الأزمات الاقتصادية أو الجحيم الذي جرى إخماده بشكل سيئ.

فسوريا في حالة يرثى لها ومفرغة من جزء من شريان حياتها […] وتبقى إعادة إعمارها أفقًا غامضًا بسبب العقوبات الغربية التي ستستمر بلا شك طالما بقي النظام على ما هو عليه. واليمن، الذي دمرته أيضًا حرب أهلية لا نهاية لها والتي أصبحت أيضًا حربًا بالوكالة لقوى إقليمية أخرى بات ينحو إلى الانحراف.

أما العملاق المصري – تضيف ”لوموند”- فهو يائس لدرجة أن السعودية باتت تنوي التصرف مع القاهرة كأي مانح: من خلال اشتراط مساعدتها المحتملة. فقد انقضت فترة السخاء، ولم تعد مسألة استثمار لدعم حليف، ولكن الاستثمار من أجل المصلحة الاقتصادية.
ولبنان المفلس في القارب نفسه، فهو يعاني شغورا سياسيا على مدى شهور. وبعد خنق المحاولة الأخيرة لإرساء الديمقراطية السودانية، للمرة الرابعة في أقل من سبعين عامًا، حولت قوتان عسكريتان متنافستان الخرطوم إلى حقل خراب، ما أدى إلى نزوح جماعي جديد.