نتشرت أرتال عسكرية ضخمة من الآليات والمدرعات ومئات العناصر من قوات النظام والميليشيا الإيرانية، على خلفية الهجوم الواسع الذي شنه تنظيم «الدولة الإسلامية» ضد قوات النظام في بادية الرقة وريف دير الزور، ليل الخميس.

وأكدت مصادر محلية متقاطعة لـ «القدس العربي» انتشار مقاتلين من الفرقة 17 التابعة لقوات النظام، وعناصر من شعبة المخابرات العامة والشرطة العسكرية في ريف دير الزور الشرقي.

وكثفت خلايا تنظيم «الدولة « من حدة عملياتها في ريفي دير الزور والرقة خلال الأسبوع الفائت، حيث شن مقاتلو التنظيم هجومًا مباغتًا ضد نقاط قوات النظام، والميليشيا الإيرانية في بلدة معدان عتيق بريف الرقة الشرقي، ما أسفر عن مقتل العشرات من قوات النظام، وتدمير عدد من الآليات. كما سيطر مقاتلو التنظيم لساعات على تلك النقاط قبل أن ينسحبوا منها جنوبا مع بدء الطلعات الجوية للمقاتلات الحربية التابعة للنظام وروسيا.

وسائل إعلام موالية لنظام الأسد، نعت الملازم في الفرقة 17 خضر حسن خضور، بعد مقتله في كمين نفذه مقاتلو التنظيم استهدف مركبة عسكرية كان يستقلها مع عناصره.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 23 عنصرًا من قوات النظام في هجوم لمقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» على حافلة مبيت عسكرية لقوات النظام على طريق المحطة الثانية والمعروفة باسم T2 ببادية الميادين بريف دير الزور الشرقي مساء الخميس الفائت، في عملية وصفها المركز بالأعنف خلال العام الجاري، وكان المرصد السوري الذي يديره رامي عبد الرحمن قد وثق مقتل 225 عنصرًا من قوات النظام في عمليات مختلفة لخلايا التنظيم.

وقالت مصادر محلية في منطقة الميادين أن مقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية» شنوا هجوماً بالأسلحة الرشاشة وقواذف «الآر بي جي» على حواجز ونقاط عسكرية تتمركز بها عناصر ميليشيا «فاطميون» الشيعية الأفغانية الموالية لإيران في منطقة المسرب بريف دير الزور الغربي، ما أدى لإصابة عنصر من الميليشيا بجروح.

الجدير بالذكر، أن هجمات مقاتلي التنظيم الأخيرة، جاءت بعد أيام من إعلانه عن زعيمه الجديد «أبو حفص الهاشمي القرشي» وتأكيد مقتل خليفته الرابع «أبو حسين القرشي» في إدلب واتهام هيئة «تحرير الشام» التي يقودها أبو محمد الجولاني بتسليم جثته إلى السلطات التركية.

في سياق منفصل، دفعت الهجمات الأخيرة التي شنها التنظيم القوات الروسية في سوريا لتنفيذ هجمات جوية في بادية الرقة بعد أن توقفت الطلعات الروسية لأشهر عدة في مناطق انتشار خلايا تنظيم «الدولة الإسلامية» ببادية الرقة وحمص ودير الزور وحماة، كما أسفرت العمليات وتصاعد وتيرة الاستهدافات عن تنفيذ قوات النظام والميليشيا الإيرانية الموالية لها حملة أمنية ضد فلول الخلايا بريف مدينة البوكمال، وتركزت حسب مصادر محلية في بادية البوكمال الجنوبية والغربية، حيث دارت اشتباكات بين الطرفين استمرت لساعات يوم الأربعاء الماضي.

وسبق الهجمات التي شنها مقاتلو تنظيم «الدولة» نشاط إلصاق المنشورات، ورمي القصاصات الورقية التي تشير لوجود التنظيم، وقالت وكالات محلية إن منشورات ورقية تحذر النساء من عدم الالتزام بـ «اللباس الشرعي» وتهددهن بالقتل رميا بالرصاص، ألصقت في أماكن عدة في بلدة الطيانة بريف دير الزور الشرقي، وفي ذات المنطقة التي شهدت تصاعدًا في وتيرة العمليات العسكرية لمقاتلي التنظيم، وسبق ذلك ان عثر أهالي الشحيل على منشورات ورقية مماثلة قبل أسابيع.

التطورات الأخيرة في البادية السورية ونزاع القوى على السيطرة، لم تنحصر بهجمات التنظيم المتشدد وما ارتبط بها من اشتباكات، فقد سبق هذه التطورات المرتبطة توترات بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد» و «مجلس دير الزور العسكري» أحد مكونات «قسد» وصلت ذروتها في 25 من شهر تموز (يوليو) الماضي عندما اشتبك عناصر يتبعون إلى مجلس دير الزور العسكري مع حاجز للشرطة العسكرية التابعة لـ«قسد» أسفر عن مقتل عنصرين من المجلس الذي استنفر مقاتلوه وقطعوا الطرق أمام دوريات «الشرطة العسكرية» والأمن الداخلي «أسايش» التابعين لـ«قسد» كما دفعت التوترات بين الطرفين لتدخل قوات من عشائر المنطقة الموالية لمجلس دير الزور العسكري، التي انتشر مقاتلوها بريف دير الزور الشمالي على الطرق المؤدية لبلدة الصور، والطريق الموازي للخابور، كما طرد مقاتلو العشائر قوات «قسد» من قرى وبلدات البصيرة وجديد بكارة وجديد عكيدات بريف المحافظة الشرقي.

المواجهات بين الطرفين انتهت بتدخل «قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش» الذي تقوده أمريكا التي أشرفت على لقاء جمع الطرفين في حقل العمر للنفط، وحسب ما أفاد به مصدر مطلع من «مجلس دير الزور العسكري» فإن الاجتماع جمع قائد المجلس أحمد الخبيل المعروف بـ «أبو خولة» ونائبه، بهفال روني وأبو صالح العضوين في مجلس العلاقات التابع لـ «قسد» وتم الاتفاق بين الطرفين على وقف العمليات وإنهاء التوتر، وتشكيل لجنة تحقيق للكشف عن سبب المواجهات، ومعاقبة المتسببين.

الأمر الذي أكده الخبيل في تسجيل صوتي عقب الاجتماع، مشيرا إلى ان لجنة تحقيق ستتولى مهمة معاقبة الجناة والمتسببين، ورافضًا ما وصفه بيان لـ «قسد» لعناصر العشائر ومقاتلي مجلس دير الزور العسكري بـ «الإرهابيين» داعيًا لرفض أي تدخلات خارجية وداخلية لضرب الاستقرار في محافظة دير الزور.

تدخل القوات الأمريكية لحل الخلاف بين «قسد» و«مجلس دير الزور العسكري» العربي جاء في محاولة منها لحل الخلافات الداخلية في الوقت الذي تعمل فيه على ضرب مشاريع قوات النظام والميليشيا الإيرانية المساندة لها في منطقة غرب الفرات، الأمر الذي تؤكده التدريبات العسكرية التي تشرف عليها قوات التحالف الدولي للقوات الموالية لها، والدوريات المشتركة لقوات التحالف و«قسد» في محيط مناطق انتشار قوات النظام والميليشيا الإيرانية، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن «دورية عسكرية مشتركة من قوات التحالف وقسد، خرجت من قاعدة حقل كونيكو للنفط بريف دير الزور الشمالي، واتجهت إلى محيط سبع قرى تسيطر عليها قوات النظام والميليشيا الإيرانية».

بالتوازي مع ذلك، قالت مصادر محلية من مدينة الحسكة، إن دورية عسكرية أمريكية ترافقها دورية من وحدات «حماية الشعب» الكردية، أجرت جولة استطلاعية بالقرب من المربع الأمني في المدينة حيث تتمركز قوات النظام. وأشار المرصد أشار إلى أن القوات الأمريكية سيّرت دورية عسكرية استطلاعية بالقرب من معبر البريد على نهر الفرات لمراقبة المعابر النهرية وللحد من عمليات التهريب في بلدة الحوايج بريف دير الزور الشرقي، ورافقت المروحيات الأمريكية الدورية واستمر طيرانها في سماء المنطقة قرابة الساعتين نهاية تموز (يوليو) الماضي.

وكانت قوات التحالف الدولي، قد بدأت في الرابع من الشهر الجاري، تدريبات عسكرية في نقاط تمركزها المقابلة لنقاط تتمركز بها قوات النظام والميليشيا الإيرانية، تزامنًا مع أنباء عن نية وزارة الدفاع الأمريكية لإطلاق عملية عسكرية شرق الفرات للحد من المد الإيراني في مناطق قريبة من وجود قوات التحالف.

القدس العربي