يستمر الاضطراب في بعض مناطق ريف دير الزور الشرقي، شرقي سورية، التي تشهد هجمات متفرقة من العشائر العربية على “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وذلك مع تأكيد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة مجدداً أنه يقف مع هذه القوات، مطالباً القادة المحليين بـ “مقاومة الجهات الخبيثة” التي تريد زعزعة الاستقرار في هذا الريف.

وذكرت مصادر مطلعة مقربة من التحالف الدولي لـ”العربي الجديد”، أن الأخير بصدد إجراء اتصالات مع شخصيات عربية معارضة من منطقة شرق نهر الفرات سواء داخل هذه المنطقة التي يشكل العرب غالبية سكانها أم خارجها، لتشكيل إدارة مدنية بعيدة عن “قسد”. وكشفت المصادر أن للتحالف الدولي “ملاحظات جوهرية” على الطريقة التي تتعامل بها “قسد” مع المناطق التي يشكل العرب جل سكانها، خصوصاً في محافظتي دير الزور والرقة “وهو ما يسمح للنظام بالتغلغل مجدداً فيها”.

من جهته، رأى مدير مركز “الشرق نيوز” فراس علاوي، في حديث مع “العربي الجديد” أن “التحالف الدولي يعتمد على قسد، لكنه يدرك أن ريف دير الزور الشرقي يعاني من عدم الاستقرار”، مضيفاً: “أعتقد أن التحالف بصدد إعادة ترتيب أوراق المنطقة على الأقل من الناحيتين الأمنية والإدارية من خلال إشراك بعض الشخصيات المحلية في الإدارة لإرضاء السكان، لكنه ليس بصدد التخلي عن قسد في الوقت الراهن على الأقل”.

في السياق، جددت “فرقة العمل المشتركة للعمليات المشتركة – بلاد الشام” التابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في بيانٍ صدر أول من أمس الأربعاء، دعمها لـ”قسد” في تنفيذ العمليات ضد تنظيم “داعش”.

واعتبرت أن ما وصفته بـ”زعزعة الاستقرار بسبب أعمال العنف الأخيرة في دير الزور أدت إلى خسائر بشرية غير ضرورية”، مطالبة القادة المحليين في المنطقة بـ”مقاومة تأثير الجهات الخبيثة”، في إشارة واضحة إلى النظام السوري والإيرانيين. وأضافت أن “نشاط الجهات الخبيثة لن يجلب سوى المعاناة لشعوب المنطقة”.

وفي جديد التطورات الميدانية، قال الناشط وسام العكيدي، وهو من أبناء ريف محافظة دير الزور، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن مسلحين من عشائر عربية شنوا ليل الأربعاء – الخميس، هجوماً استخدمت فيه قذائف صاروخية على مقر “قوى الأمن الداخلي” (الأسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية” في بلدة السوسة بريف دير الزور الشرقي، ما أسفر عن إصابة عناصر الموقع المستهدف.

اشتباكات العشائر العربية و”قسد”
وأوضح العكيدي، أن المسلحين استهدفوا نقطة عسكرية لـ”قسد”، قرب نهر الفرات في بلدة أبو حمام، وحاجزاً في بلدة درنج، ونقطة عسكرية في مدرسة الحصية ضمن بلدة الشحيل، إضافة إلى نقاط أخرى في عدة بلدات في ريف دير الزور الشرقي.
وكان هذا الريف قد شهد أواخر الشهر الماضي اشتباكات واسعة النطاق بين مسلحين من عشائر عربية و”قسد” التي كادت أن تفقد زمام السيطرة، قبل أن تحشد “قسد” قوات ضخمة لتستعيد ما خسرته من مناطق. وبدأت الاشتباكات بعد إقالة قيادة “قسد” قائد “مجلس دير الزور العسكري” التابع لها، أحمد الخبيل، ووضعه تحت الإقامة الجبرية بتهم تتعلق بالفساد وسوء الإدارة و”التنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة”.

وأخذت الاشتباكات طابعاً قبلياً من جانب أهالي ريف دير الزور، مع اتهامات من جانب “قسد” بوجود أصابع للنظام والإيرانيين في التحرك العسكري ضدها.

وقاد الشيخ إبراهيم الهفل شيخ قبيلة العكيدات أكبر قبائل هذا الريف المضطرب التمرد على “قسد”. وقالت مصادر محلية تحدثت لـ”العربي الجديد” إن الهفل “موجود في مدينة الميادين وينسق مع النظام السوري لقتال قسد”، وهو ما كان نفاه الهفل في وقت سابق، من دون الكشف عن مكان إقامته على وجه التحديد.

ووفق المصادر، فإن أغلب أهالي المنطقة يرفضون عودة النظام إلى مناطقهم، والذي سيجلب معه الإيرانيين، لكنهم يطالبون “قسد” بإبعاد كل الفاسدين عن الواجهة الأمنية والإدارية.

ورأى الناشط الإعلامي أبو عمر البوكمالي، الموجود في ريف دير الزور، أن “على قسد تحديد موقفها من النظام السوري”، مضيفاً في حديث مع “العربي الجديد”: “يجب عليها دعم الحراك الثوري والسماح برفع راية الثورة السورية في مناطق سيطرتها للحيلولة دون أي ظهور للنظام في المنطقة. حتى الآن لم تتوضح أبعاد العلاقة بين قسد والنظام وهذا أمر مقلق للناس. ليس هناك عداء واضح لعدو سكان دير الزور وهو النظام من قبل قسد، وهو ما عليها تداركه”.

وبيّن البوكمالي أن “بعض قادة المليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني من أبناء ريف دير الزور الخاضع لقسد، يأتون بين وقت وآخر لزيارة أهاليهم”، مضيفاً: “يجب أن يكون لقسد موقف واضح من هذا الأمر الذي يثير استياء وتخوف الأهالي من وجود تنسيق أمني عالٍ بين قسد والنظام والإيرانيين”.

وأعرب البوكمالي عن اعتقاده أن على “قسد” الاعتماد على الكفاءات المهيأة والمدربة واستبعاد كل الشخصيات الإشكالية التي لا يرضى عنها السكان المحليون.

العربي الجديد