لم يخف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السنوات الأخيرة، رغبته في تطبيع علاقات الرئيس السوري بشار الأسد مع الدول العربية أو مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

تطبيع العلاقات مع الدول العربية كان أسهل، حيث عادت دمشق إلى الجامعة العربية في منتصف العام الماضي، وحضر الأسد آخر قمّتين عربيتين.

الموضوع مع تركيا أكثر تعقيدا لأسباب كثيرة، لعل أهمها أن الجيش التركي يسيطر بطريقة مباشرة أو عبر فصائل، على حوالي 10 في المئة من سوريا (إجمالي مساحتها 185 ألف كلم مربع) أي ما يساوي عمليا ضعف حجم لبنان، كما أن أنقرة قدمت دعما عسكريا واستخباراتيا لفصائل مسلحة منذ 2012، وتستضيف نحو 3.5 مليون لاجئ سوري.

في كل مرة جرى فيها الحديث عن لقاء بين الأسد وأردوغان، كانت المفاوضات تصطدم بعقدة واحدة: الرئيس السوري يشترط على الجانب التركي الإدلاء ببيان مسبق، يتضمن الإعلان عن موعد الانسحاب العسكري، أو جدول زمني واضح للانسحاب أو بدء الانسحاب. “العقدة” ان يلتقي رئيس “دولة محتلة”.

جواب الجانب التركي، كان دائما أن انقرة متمسكة بالقرار 2254 والسيادة السورية الكاملة على أراضيها، لكن موضوع الانسحاب مرتبط بالحل السياسي وتوفير الأمن بحيث لا يشكل شمال سوريا تهديدا للأمن القومي التركي. “العقدة” ان يلتقي رئيس “غير شرعي”.

الجديد، أن “عقدة” الإنسحاب أو التسوية تم حلها. وكشفت الوساطة التي قادها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وخطفها ألكسندر لافرنييف مبعوث الرئيس الروسي بين الأسد وأردوغان، أن الجانب السوري أسقط الشرط المسبق حول الانسحاب العسكري التركي، وأن أنقرة لم تعد تشترط الحل السياسي وإشراك المعارضة ومكافحة الإرهاب وترتيبات لعودة اللاجئين، للانسحاب. إذن، لقاء دون شروط مسبقة.

– ما سبب هذا التغيير الكبير في موقفي الأسد وأردوغان؟
إنه رئيس “حزب العمال الكردستاني” عبد الله أوجلان، أو الملف الكردي. فقد باتت هناك قناعة لدى أنقرة ودمشق بأن الوجود المؤسساتي الكردي، أي “الإدارة الذاتية” شرق نهر الفرات، يشكل تهديدا وجوديا لوحدة سوريا وتركيا.

– بالفعل، يجري التباحث سرا بين دمشق وأنقرة لشن عملية عسكرية ضد “قوات سوريا الديمقراطية” التي يشكل الأكراد مكونها الرئيس، وترمي المحادثات إلى الإجابة عن بعض الأسئلة: موعد العملية؟ هل هي عملية برية سورية-تركية مشتركة؟ هل يقوم الجيش السوري بالعملية البرية وتقدم الطائرات والمسيرات التركية الغطاء الجوي؟ هل يجري الإنقضاض على الأكراد قبل الانتخابات الأميركية؟ هل يتم انتظار انتخاب دونالد ترمب صديق بوتين وأردوغان وعدو الأكراد؟ هل يمكن انتظار انتخاب ترمب الذي وعد بالانسحاب من شمال شرقي سوريا كما هدّد في 2019 ومهّد بانسحاب القوات الأميركية الجزئي لتوغل تركي بين تل أبيض ورأس العين؟

– تبادل “تصريحات الغرام” ووقف الحملات الإعلامية وتكرار الدعوات للأسد، جزء من “الإنقلاب” الجديد الذي يقوم به أردوغان في علاقاته بالإقليم للوصول الى “صفر مشاكل”. مرة أخرى، القلق من أوجلان والكيان الكردي، يمهد الطريق لقمة بين “الرئيسين” برعاية “القيصر” للعمل معا من أجل “تقطيع الأوصال الكردية” شرق الفرات، حيث كل الثروات السورية و”فتح الشرايين الاقتصادية” في شمالها الغربي أمام الثروات التركية.

مجلة المجلة