يوم السبت الماضي سقط الرهان على انتخاب رئيس الجمهورية والذي بدوره عطّل انتخاب رئيس مجلس الوزراء القادم، وبقي العراق يدار بحكومة تصريف اعمال بصلاحياتها المحدودة. احتفل الاطار التنسيقي بطريقته الخاصة باسقاط الرهان، ولم يكن الاطار حقيقة هو الفاعل والمسبب بل كان تحديداً موقف ثمانية عشر نائب أخطئوا قراءة الموقف وإختاروا لاسباب متفرقة النأي بالنفس وتعطيل بلوغ النصاب المطلوب.

بالتأكيد لن تستمر حالة الشلل هذه الى الابد بل من المتوقع بلوغ النصاب في الجولات القادمة وهناك اكثر من دافع ومبرر يدفع باتجاه هذا الموقف، لكن ماحصل مؤشر على علو المصلحة الفئوية على المصالح العليا للوطن، و تفاقم تأثير المال والسلاح على المواقف السياسية كوسائل ترغيب وترهيب، ورغم التفاوت في المواقف بين”الاطار التنسيقي” و”تحالف انقاذ وطن” على الاجندة التي اعلن عنها الاخير فان النزاعات الشخصية لازالت تطبع الخلاف بين الكتلتين، و موقف الصدريين من الخصم التاريخي نوري المالكي معلوم، الملفت للنظر عجز كلا الكتلتين عن بلوغ الكتلة الاكبر، وهذه الاخرى ستبقى رهن مواقف بضعة نواب متى ماحسموا موقفهم من حضور الجلسة القادمة فانها ستحسم مباشرة، الامر الذي يمهد لاختيار رئيس مجلس الوزراء.
من جهة أخرى، فإن انقسام ممثلي المكون العربي السني وتوزعهم بين الكتلتين أمر يدعو للاستهجان وهم قد وصلوا جميعاً الى عضوية مجلس النواب على خلفية تبني نفس المطالب في مقدمتها ازالة المظالم الهائلة التي وقعت ولازالت على المكون اثماً وعدواناً، لكن نزعة (الانا) تبقى هي الطاغية في النخبة السياسية مع الاسف الشديد، لقد وعد الجميع في حملاتهم الانتخابية على رد المظالم واستعادة الحقوق وهو لن يحدث بالتأكيد دون تغيير واصلاح حقيقي، فكيف سيكون المستقبل السياسي لمن اختار ابقاء الاوضاع الشاذة كما هي عليه، مايعني ابقاء النازح في خيمته والمسجون البريئ خلف القضبان والمطارد المتهم بتهم باطلة يتنقل في المهجر…. لسنوات قادمة!! لا ننسى ان لكل موقف ثمن، فهل ستكون غلطة الشاطر هذه المرة وكأنها انتحار سياسي؟ ربما، والمستقبل بيننا.

لايختلف اثنان ان الاوضاع المأساوية والشاذة التي نعيشها واقعاً تستدعي تغييرا واصلاحاً جذريا لامفر منه، وكان من البديهي لو توفر الحد الادني من الاخلاص الوطني ان يتوافق الاطار التنسيقي مع تحالف انقاذ وطن على اجندة واحدة تضع العراق على سكة الاستقرار والتقدم، وعدم الذهاب الى خيار الجمود وعدم التغيير والابقاء على الحال المؤسف لاربعة سنوات قادمة وهو امر مستحيل في ظل وعي جماهير رافض يتنامى بمرور الوقت، بالتأكيد لن يصبر المواطن المحروم من حياة حرة كريمة طويلاً على اولئك الذين يلعبون بمقدراته دون خجل أو وجل.

الغريب ان الطرف الذي اعلن عن ايمانه الحازم !! بسياسة التوافق لغرض تمشية الامور بالحسنى سقط في الاختبار عندما فشل السبت الماضي واختار التعطيل كبديل للتوافق، وهكذا اصبح التعطيل بدل التوافق على البناء واحداً من مخرجات عملية سياسية عرجاء.