عقد في مدينة آسطنبول يوم ٢٠ / ٢ / ٢٠٢٢ مؤتمر موسع لرفض التطبيع مع النظام الأسدي، حضره حشد كبير من الشخصيات والمؤسسات والتجمعات السورية، بحضور دولي ملفت، وبدور أساسي للسوريين المقيمين في الولايات المتحدة.
الكلمات والوثائق السمعية-البصرية التي قدمت على مدارس يوم كامل شددت على النقاط الأساسية التالية :
١- الخلاف بين الشعب السوري والنظام الأسدي، ليس خلافاً على سياسة اقتصادية، أو اجتماعية، أو على الموازنة العامة. الخلاف هو مع نظام إبادي، مرتكب لفظائع خطيرة (عرض المؤتمر صوراً مروعة لم تعرض من قبل لفظائع النظام)، لا يلتزم النظام بأي قانون ولا عهد ولا مبدأ، ويشكل خطراً على وجود سورية والشعب السوري. نظام عصابة تطلب منها حقوقك، فيقصفك بأسلحة الدمار الشامل. يتعرض لمشكلة اقتصادية فيحول الدولة كلها إلى مصنع للمخدرات. نظام خطر على وجود الشعب السوري وسورية، وخطر على الدول الأخرى. هو مصدر لطرد ملايين البشر، وتصدير السموم المخدرة إلى كل العالم بكميات مخيفة، وهو حليف استراتيجي وعضوي لإيران وعدد لا يحصى من التنظيمات المتطرفة والإرهابية. فالتطبيع مع النظام هو تطبيع مع نظام متحالف ومندمج استراتيجياً مع إيران وحزب الله والحوثي وعشرات التنظيمات الإرهابية.
٢- التطبيع مع النظام ليس قراراً يخص كل دولة، اتخاذه حق من حقوقها السيادية، وإنما هو عدوان على الشعب السوري، وعلى حقوقه، وخاصة الحق بالحياة، وحق العودة، وحق العيش بأمان وكرامة في بلده، وإعادة إعماره سياسياً واقتصادياً.
٣- التسامح مع النظام، والتطبيع معه، يعني إعطاء شرعية للإفلات من العقاب، وتشجيع على تكرار ارتكاب النظام لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وارتكاب المزيد من الفظائع، وتشجيع لأنظمة أخرى على فعل ما فعل.
٤- أنصار التطبيع مع النظام قالوا أن التطبيع سيبعد النظام عن إيران، ويعيده للحضن العربي، ويعيد ملايين اللاجئين إلى سورية، ويحقق للمطبعين وللشعب السوري فوائد اقتصادية عظيمة، ويعيد إعمار سورية، وسيدفع النظام نحو التفاوض بجدية وإخلاص في مفاوضات الحل السلمي السياسي للقضية السورية، ويجعله أقل قسوة مع الشعب السوري.
والحقيقة أن التجربة العملية أثبتت أن التطبيع مع النظام لا يبعده عن إيران، سواء لأنه لا يريد أو لا يستطيع الابتعاد عنها، والتطبيع لم يدفع النظام للتفاوض بجدية لحل سياسي سلمي وانتقال سياسي، ولم يقلل من وحشية النظام ولا بأي قدر كان، بالعكس استغل التطبيع للإمعان في قمع الشعب السوري. التطبيع لم يؤدي لإعادة إعمار سورية المدمرة، ولم يؤدي إلى عودة اللاجئين السوريين، حتى من الدول المطبعة ذاتها.
وعندنا الآن مثال حي لنتائج التطبيع، هو الأردن، فبعد ١٠أشهر من التطبيع بلغ حجم تجارة الأردن مع النظام ٦٣ مليون دولار تبادل تجاري مع الأردن، وهو مبلغ زهيد لا يكفي لشراء لاعب كرة قدم متوسيط المستوي، وكشف الأردن ٣٦١ عملية تهريب كبتاغون، وحصلت عشرات الاشتباكات ووقع قتلى على الحدود، ولم أحد من اللاجئين السوريين في الأردن لسورية، ولم تغيير علاقات النظام مع إيران، ولم تتقدم العملية التفاوضية، ولم يعد النظام للحضن العربي
التطبيع كان خطوة أولى من قبل المطبعين وفق سياسة الخطوة مقابلل خطوة، لكن النظام لم يقم بأي خطوة مقابل خطوة التطبيع. لا خطوة ولا جزء من خطوة. ولم تحقق الدول المطبعة أي فوائد اقتصادية من التطبيع، بالمقابل تم إغراق الدولة المطبعة بالمخدرات، ومحاصرتها بالارهابيين من كل صنف ونوع.
٥- لدينا الآن حركة دولية واسعة ضد النظام السوري، النظام صار خطراً على العالم من حيث صار المصدر الأول للمخدرات. وهناك سوريين في كل أنحاء العالم، وخاصة في الولايات المتحدة، خرجوا من الصدمة الأولى، وبدأو يتحركون في مجتمعاتهم الجديدة، وبأدوات هذه المجتمعات وبلغاتها، ضد النظام السوري، هناك دعاوى في كل مكان في العالم ضد النظام السوري، وهناك وعي عالمي بخطورة النظام على العالم، وليس فقط على الشعب السوري.
٦- الاعتراف أو عدم الاعتراف بالنظام السوري مسألة تخص الشعب السوري وحده، حتى ولو طبع العالم كله مع النظام فإنه يظل نظاماً غير شرعي، مجرم، إبادي، مرفوض رفضاً قاطعاً ونهائياً من قبل الغالبية الساحقة من الشعب السوري القادر على التعبير عن رأيه بحرية.
إضافة إلى ما جاء في المؤتمر، فإن من دواعي التفاؤل، أن الدول المطبعة كلها دول صغيرة، وعددها محدود. لا يوجد من بين الدول الصناعية السبع الكبرى (أمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا واليابان وكندا) أي دولة تطبع مع النظام، ولم يستطع النظام العودة للجامعة العربية، وعلى الأرجح لن يستطيع العودة لوجود دول مهمة ترفض عودته بقوة. وهناك تحرك داخل أمريكا ضد التطبيع، لأن ما تم من تطبيع لم يحقق أي نتيجة مرجوة منه. ولا أي نتيجة.
الحجة الأولى للمطبعين هي أن الثورة خلصت، والأحوال هديت، والبلد آمن، والسوريين يعودون لحضن النظام وبالتالي ما عاد من داعي لمقاطعة النظام، وما من داعي أن تكون دول العالم سورية أكثر من السوريين أنفسهم.
هذه الحجة كاذبة، فلا الثورة خلصت، الثورة المدنية والثورة العسكرية، ولا السوريين يعودون لحضن النظام، بالعكس يهربون منه بكل السبل، ولا البلد آمن وفق تقارير كل المؤسسات الدولية.
وإذا كانت هذه هي الحجة الأولي للمطبعين، فإننا إذا أردنا منع التطبيع، فعلينا تأجيج الثورة، المدنية والعسكرية، وتأجيج الأنشطة المعادية والرافضة للنظام. بالمظاهرات، وبالعمل العسكري، وبالمؤتمرات، وبالاحتجاجات، وبالعمل الإعلامي، وبالعمل القانوني.. بكل الوسائل المتاحة، ومنها هذا الاجتماع.