في إحراج جديد للأسد: نائب رئيس الأركان الإسرائيلي يجول داخل الأراضي السورية 

ارتفعت وتيرة القصف الإسرائيلي داخل الأراضي السورية وبدأت تطال مواقع النشاط الإيراني ومواقع ومقار تتبع لحزب الله اللبناني في أرياف حلب وإدلب، مع استمرار القصف اليومي لمنطقة القصير بريف حمص. كما توغلت المدرعات الإسرائيلية متجاوزة المنطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا.

وأقر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دخول نائب رئيس الأركان الإسرائيلي، اللواء أمير برعام عمق الأراضي السورية لتفقد عمليات فتح الطريق ونزع الألغام شرق منطقة فض الاشتباك. وأشار الناطق إلى أن برعام تفقد الوحدة 210 الثلاثاء وأجرى تقييما لوضع القطاع مع قائد الفرقة العميد يائير بلاي، وانضم إلى دورية عبر السياج أمام سوريا، حيث تتم إقامة حاجز بري بهدف تعزيز المنطقة الأمنية على جبهة هضبة الجولان.

ولفت نائب رئيس الأركان، أن «القطاع السوري هو جبهة واحدة من أصل سبع جبهات يعمل فيها الجيش الإسرائيلي جاهداً على تغيير الواقع الأمني» مضيفاً أن «قوات الفرقة 210 واللواء 474 تعملان على تغيير الواقع الأمني». وأوضح أن الهدف من النشاط الإسرائيلي هو «بناء مساحة دفاعية ذات عائق وقوى ديناميكية وأمامية، والتي ستوفر حلولاً تشغيلية وملموسة حسب الحاجة والوقت».

في التفاصيل، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت حيّي المزة وقدسيا في العاصمة السورية دمشق، الخميس الفائت، أسفرت عن مقتل 20 شخصًا، وإصابة 21 آخرين، بالإضافة لدمار كبير في المباني السكنية ضمن المنطقة التي طالتها الغارات، وأضاف المرصد أن الغارات التي استهدفت مبان سكنية في المزة تسببت بمقتل عشرة أشخاص، بينهم ثلاثة مدنيين، وعنصرين من الفصائل المدعومة من إيران، وخمس أشخاص لم تحدد هويتهم، فيما تسببت الغارات التي استهدفت مجمعا للاجئين الفلسطينيين، بمقتل ما لا يقل عن ثلاثة من منتسبي حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.

بدوره قال الجيش الإسرائيلي، إن سلاح الجو أغار على عدة مقرات قيادة ومبان عسكرية تتبع حركة الجهاد الإسلامي «التابعة لإيران» حسب ما ورد في بيان الجيش الإسرائيلي. وأضاف، أن الغارات ضربت بقوة «حركة الجهاد الإسلامي» وقادتها المقيمين في الخارج، مشيرًا إلى أن الحركة نفذت مع «حماس» ما وصفه بـ «مجزرة» السابع من أكتوبر 2023 ولفت الجيش الإسرائيلي في تعقيبه على قصف حيي المزة وقدسيا، إلى أن «الجهاد الإسلامي» تدعم «حزب الله اللبناني» بتوجيه من إيران، واصفًا الحركة بأنها أحد وكلاء إيران في منطقة الشرق الأوسط، وتتخذ من سوريا مقر إقامة لها برعاية من نظام الأسد، وتوعد البيان الإسرائيلي «الجهاد الإسلامي» بمواصلة العمل في مواجهتها في كل مكان يتطلب ذلك.

ورصدت «القدس العربي» استهداف الطيران الإسرائيلي مبنيين متقابلين يفصل بينهما شارع حمزة بن عبد المطلب في منطقة الفيلات الغربية بالمزة. وقصفت الطائرات الحربية الجمعة، هدفا متحركا على العقدة الطرقية لتلاقي المتحلق الجنوبي واتستراد المزة، شرق فندق ياسمين روتانا.

بموازاة ذلك، قالت حركة «الجهاد الإسلامي» في بيانٍ لها، «نزف إلى شعبنا الفلسطيني العظيم وإلى أبناء أمتنا العربية والإسلامية ثلة من أبناء الحركة الذين ارتقوا في العدوان الآثم الذي استهدف العاصمة السورية دمشق» وأضاف البيان، أن العدوان الأخير على المنازل والمباني السكنية المدنية، «يعكس فشله العسكري في مواجهة قوى المقاومة ميدانيا، ولا سيما في غزة وجنوب لبنان».

من جهتها قالت وزارة دفاع النظام السوري في بيان لها عن مصدر عسكري جاء فيه «حوالي الساعة 3:20 دقيقة من بعد ظهر يوم الخميس، شن العدو الإسرائيلي عدوانا جويًا من جهة الجولان السوري المحتل، مستهدفًا عددا من الأبنية السكنية في حي المزة في دمشق، وقدسيا في ريف دمشق» وأشارت الوزارة إلى أن القصف أدى إلى مقتل 15 شخصا وإصابة 16 بينهم نساء وأطفال، بالإضافة لوقوع أضرار مادية في الممتلكات العامة والخاصة.

ومن الملاحظ أن وتيرة القصف الإسرائيلي ارتفعت في الآونة الأخيرة، حيث دمرت إسرائيل جسر الموح وهو آخر الجسور على نهر العاصي وتفريعاته، كما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي الأربعاء، عدة غارات على منطقة القصير، وحسب المرصد، فإن الغارات استهدفت حواجز عسكرية وجسورا في المنطقة، ما أسفر عن إصابة ما يقارب 15 عنصرا من قوات النظام، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي عن أن الغارات استهدفت طرقًا تربط الجانب السوري باللبناني، وتستخدم لنقل الأسلحة وتهريبها لـ «حزب الله» اللبناني، إضافة لمواقع تستخدمها الوحدة 4400 (وحدة النقل والامداد) في الحزب لنقل الأسلحة من الأراضي السورية إلى لبنان.

وتتركز غارات سلاح الجو الإسرائيلي بشكل رئيسي وشبه يومي على المناطق الحدودية مع لبنان، وبشكل خاص في منطقة القصير، في محاولة من الطرف الإسرائيلي لقطع طرق الإمداد والاتصال البري بين الأراضي السورية والأراضي اللبنانية، وحسب مصادر محلية فإن الغارات الشبه يومية على المنطقة أدت إلى تدمير عدد من الطرقات والجسور على نهر العاصي، ومن أبرزها جسر بيت خضر، والدف، والجوبانية. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد ذكر الخميس أن الغارات الإسرائيلية على منطقة القصير، أدت إلى تدمير جسري الموح والعالي، بعد تدميرهما بشكل جزئي في قصف استهدفهما في وقت سابق.

الجدير بالذكر، أن سلاح الجو الإسرائيلي تسبب في قطع الطريق الدولي دمشق- حمص، بعد تنفيذه لضربة جوية على منطقة شنشار، بريف حمص الجنوبي، الإثنين الفائت، وحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» فإن الطريق الدولي دمشق- حمص «قطع مؤقتاً جراء العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مكان تجمع مساعدات للوافدين اللبنانيين في منطقة شمسين جنوب حمص بالقرب من الاتستراد (طريق حمص- دمشق)».

اللافت في القصف الإسرائيلي المتصاعد على الأراضي السورية، استهدافه ليل السبت الفائت لمواقع جديدة في شمال غرب البلاد، وعلى خطوط التماس بين قوات النظام من جهة، وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى، فحسب ما أورده المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن غارات إسرائيلية طالت مقرين عسكريين في مدينة سراقب التي تسيطر عليها قوات النظام، مشيرًا إلى أن المقرين يتردد عليهما عناصر من حزب الله اللبناني.

مصادر محلية تعمل كمحطات رصد لحركة الطيران في مناطق إدلب، قالت في تصريح لـ«القدس العربي» إن غارة إسرائيلية استهدفت مقرًا يتردد عليه عناصر من حزب الله والحرس الثوري الإيراني، في المنطقة الصناعية في الحي الشرقي من مدينة سراقب، وأشارت المصادر إلى أن المقر مخصص لتجهيز وتطوير الطيران المسير، كما استهدفت الغارات الإسرائيلية مقرًا للميليشيا الشيعية في منطقة تل الرمان جنوب سراقب، وتجمعا عسكريا بالقرب من المصرف الزراعي في الأحياء الشرقية وهي المنطقة الواقعة طريق سراقب ـ أبو الظهور، وهي الخطوط الخلفية لمناطق انتشار قوات النظام والقوات الموالية له. كما طال القصف الإسرائيلي مركز البحوث العلمية في منطقة السفيرة بريف حلب، ومعامل الدفاع.

ويأتي انتهاك إسرائيل سيادة الأراضي السورية في الإطار الذي يعزز فرضية عدم تدخل الأسد ضمن جبهة الإسناد التي تقودها طهران، حيث يتجنب المسؤولون الإسرائيليون أي ذكر للأسد ونظامه سلبا أو إيجابا، معتبرين أن كل المناطق المستهدفة من قواتهم الجوية والبرية الغرض منها القضاء على نشاط حزب الله العسكري داخل الأراضي السورية. كل هذا يجري فيما تتحول الأحياء الجنوبية وخاصة حي المزة إلى منطقة نشاط يومي للطائرات الإسرائيلية في الأراضي السورية من دون رد أو ردع من قبل النظام السوري.

القدس العربي