حسين بن طلال، حكم الأردن حكم مطلق لمدة ٤٧ سنة. وطوال عشرات السنين كان شقيقه الحسن بن طلال ولياً للعهد (يعني معين ليكون الملك بعد وفاة الملك). وقبل أن يموت حسين ببضعة أيام، عزل شقيقه الحسن، وعين ابنه من زوجته الإنكليزية (عبد الله) ولياً للعهد ليكون ملكاً بعده. وعين ابنه التالي من زوجته العربية (علي) رئيساً لاتحاد كرة القدم، وعين ابنه الثالث من زوجته الأمريكية (حمزة) ولياً لولي العهد، أي ليصبح ولياً لعهد عبد الله، أي ليصبح ملكاً بعد أخيه عبد الله. وقتها قال عبد الله لأبيه حسين حاضر يا بابا.
يعني الملك حسين كان من الأنانية والشبق للسلطة والتكالب عليها لدرجة أنه يحكم البلد ٤٧ سنة، ويرفض انتقال السلطة بعده لأخيه، وإنما يريد حصرها في أولاده فقط (وتحديداً أولاده المرتبطين بالغرب برابطة الدم). تخيلوا أن نفسه لا تقبل انتقال السلطة لأخوه، فكيف ستقبل انتقالها للشعب ؟
المهم مات حسين عام ١٩٩٩، بعد أيام من عزله أخيه وتعيين إبنه الشاب عبد الله مكانه وإيصاءه بتعيين حمزه ولياً لعهده، ليليه في الحكم. وقام عبد الله بتولي الحكم، وعين أخوه حمزة ولياً للعهد كما أوصى أبوه.
ولكن، وبعد بضعة سنوات، فعل عبد الله بالضبط ما فعله أبوه حسين. عزل أخوه من ولاية العهد، ثم عين إبنه (المراهق) ولياً للعهد. يعني بالضبط لم تطاوعه نفسه أن ينتقل الحكم بعده لأخوه، وإنما فقط لإبنه. ولو حكم هو ٥٠ سنة مثل أبوه.
الفارق بين الحادثتين، أن الحسن خضع وقبل قرار عزله، بينما حمزة لم يتقبل قرار عزله، وظل يناكف ويخابط مدعوماً من أمه الأمريكية (الملكة نور) ذات العلاقات النافذة في أمريكا، والمعروفة عالمياً. حتى وصل الأمر بالملك عبد الله قبل أمس لحبس أخوه ومنعه من الكلام مع الناس ووصفه بأنه : ضال وفقد رشده ومتلاعب وسيئ النية وهدام ومثير للقلاقل وتجاوز حدوده..
سنرى ماذا ستفعل الأمريكية لنجدة ابنها الذي حبسه إبن الإنكليزية.
بالمناسبة، حصل نفس الشيء في السعودية. فقبل موته، عين الملك عبد الله أخوه سلمان ولياً للعهد، وعين أخوه مقرن ولياً لولي العهد ليتبع سلمان في الحكم، وكتب عبد الله أنه لا يجوز تغيير هذا الترتيب بأي حال من الأحوال، ولا من قبل أي كان. سلمان قال له وقتها حاضر. مات عبد الله، صار سلمان ملكاً، احترم وصية وقرار أخوه عبد الله لبضعة أشهر، حيث عين مقرن ولياً للعهد، ثم عزله، ثم تجاوز كل أخوته، وعشرات من أولاد أخوته، وعين ابنه محمد بن سلمان ولياً للعهد، ليحصر الملك في أولاده بدل أخوته / ونفس الشيء حصل في سورية حين أبعد حافظ أخوه رفعت ليحكم أولاده، ونفس الشيء يحصل الآن حيث تحارب أسماء الأسد أخو بشار ليحكم أولادها بعد بشار/ ونفس الشيء يحصل الآن في أبو ظبي حيث يسعى محمد بن زايد لتعيين إبنه ولياً للعهد، وحرمان أخوته من السلطة.
.
الملوك أنانيون لهذه الدرجة، يحكمون طوال حياتهم، ويريدون أن يستمر حكمهم بعد موتهم في أولادهم، ولا يقبلون لأحد أن يأخذ الملك منهم، ولو كان أخوهم.. فكيف يقبلون أن يأخذه الشعب.
.
كل الابتسامات التي ترونها في الصور وعي شاشات التلفزيون، كاذبة ومصطنعة، وللضحك على الناس، وإخفاء أنانية مطلقة، تؤدي لصراعات مريرة ودموية على السلطة.
Be the first to write a comment.