دعا مجموعة من المفكرين والشخصيات العالمية، بينهم عالم اللسانيات الأمريكي نعوم تشومسكي، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للإفراج عن الصحافي المعتقل إحسان القاضي، والذي تنتظره محاكمة جديدة في 4 حزيران/ جوان المقبل.
وقالت الأسماء الموقعة على العريضة، التي نشرتها جريدة “لوموند”، إن الجزائر بالنسبة لهم هي أكثر من دولة، “إنها فكرة.. فكرة تحرير عنيدة، لا تزال بعد ستين عامًا على استقلال البلاد تبعث الأمل في قلوب أولئك الذين ما زالوا يكافحون ضد الظلم. إنها دليل على أن الانتصار على الظلم ممكن، حتى عندما تبدو المواجهة وجهاً لوجه يائسة وغير متكافئة بشكل صارخ”. لكن هذا البلد العظيم، حسبهم “ينغلق اليوم مثل فخ هائل للمعارضين السياسيين والمواطنين الذين يجرؤون على الحلم بدولة قانون حقيقية”.
وأبرز أصحاب العريضة أن “الصحافي إحسان القاضي في السجن لأنه يرفض الخضوع لضغوط من يحكم البلاد، ويريد أن يجعله صحافيًا مزورًا”. وقالوا إنه بعد القبض عليه، في منتصف ليلة 24 ديسمبر/كانون الأول 2022، اقتادته الأجهزة الأمنية ليحضر عملية تفتيش وإغلاق الموقعين اللذين أنشأهما، بينما حضر زملاؤه وأصدقاؤه بالدموع مشهد الصحافي المقيد اليدين، وهو يقاد كمجرم إلى مسرح “جريمته”: موقع إذاعي وإخباري مستقل”.
وفي نهاية تحقيق سريع شابتْه انتهاكات للإجراءات الجنائية وحقوق الدفاع، وفق نص العريضة، حكم على إحسان القاضي في 2 أبريل / نيسان بالسجن خمس سنوات، ثلاث منها نافذة. وستنعقد محاكمته الاستئنافية، التي ينتظرها وهو في سجن الحراش بالجزائر العاصمة، في 4 يونيو / حزيران.
الموقعون على العريضة وصفوا إحسان القاضي، البالغ من العمر 64 عامًا، بأنه من أعمدة الصحافة المستقلة في الجزائر، تمامًا مثل والده بشير القاضي [1927-2005] ، الذي كان من قدامى المحاربين في حرب تحرير بلاده. وتحدثوا في ندائهم: “عليكم أن تستوعبوا أن عناد هذا الصحافي للاستقلال في مهنته راسخ رسوخ نضال شعبه ضد الاستعباد الاستعماري. إنه متهم بخيانة وطنه، لكن إذا نظرنا إلى المسألة من خلال زاوية اهتمامنا بالجزائر، نجد أنه على العكس من ذلك جمع حب هذه البلاد مع عمله الصحافي المستقل”.
لهذا السبب، توجه أصحاب العريضة للرئيس الجزائري بالقول: “نسمح لأنفسنا، السيد الرئيس عبد المجيد تبون، أن نكتب اليوم لنطلب منكم أن تفعلوا كل ما في وسعكم لوضع حد للمضايقات الأمنية والقضائية التي يتعرض لها إحسان القاضي، وجميع معتقلي الرأي في الجزائر”. وتابعوا مخاطبين الرئيس: “من سلطتكم إطلاق سراح إحسان القاضي وجميع الصحافيين المسجونين وجميع معتقلي الرأي. استخدموا هذه السلطة من منطلق الوفاء لكفاح الجزائريين من أجل العدالة والحرية”.
والموقعون على العريضة هم الفيلسوف الفرنسي إيتيان بالبار، وجويس بلاو، العضو في شبكات دعم جبهة التحرير الوطني أثناء حرب الاستقلال الجزائرية، نعوم تشومسكي، عالم اللسانيات الأمريكي، والروائية آني إرنو، الحاصلة على جائزة نوبل للآداب (فرنسا)، والروائي اللبناني المعروف الياس خوري، والشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، والمخرج البريطاني كين لوتش، والمؤرخ والسياسي الكاميروني أشيل مبيمبي، والروائية الهندية أرونداتي روي، والفيلسوف التونسي يوسف الصديق.
وكان مجلس قضاء الجزائر قد أجل محاكمة الصحافي إحسان القاضي إلى 4 حزيران/يونيو المقبل في القضية المتعلقة بالتمويل الأجنبي، مع قرار برفض طلب الإفراج عنه الذي تقدمت به هيئة دفاعه.
وتؤكد السلطات الجزائرية إن الصحافي متابع في قضية لا علاقة لها بحرية الصحافة، حيث يتابعه القضاء بتهمة التمويل الأجنبي لغرض الدعاية السياسية وفقاً للمادة 95 مكرر من قانون العقوبات التي تعاقب “بالسجن من خمس إلى سبع سنوات، وغرامة من 50 ألف دينار إلى 70 ألف دينار جزائري، كل من يحصل على أموال أو هدايا أو امتيازات للقيام بأعمال من المحتمل أن تضر بأمن الدولة”.
ويحظى إحسان القاضي، منذ سجنه في نهاية كانون الأول/ ديسمبر، بدعم عدد واسع من الصحافيين داخل وخارج الجزائر ومنظمات حقوقية مدافعة عن حرية الصحافة. وكان البرلمان الأوروبي قد أصدر بالإجماع لائحة تطالب السلطات الجزائرية بالإفراج عنه، وهو ما أثار ردود فعل ساخطة في الجزائر. أما منظمة “مراسلون بلا حدود” في شمال إفريقيا، فوجهت، عبر ممثلها خالد درارني، رسالة، في 3 أيار/ مايو الجاري، للرئيس عبد المجيد تبون تتضمن مطالب بإطلاق سراح الصحافي. وذكر درارني أنه متفائل بعد حديثه مع الرئيس الجزائري حول الموضوع.
ويدير القاضي حالياً مؤسسة “أنترفاس ميديا” بالجزائر، التي تصدر موقعي “راديو أم” و”مغرب إمرجنت”، وعرف بنشاطه في الميدان، منذ فترة الثمانينات، انخراطه في حركة الصحافيين الجزائريين القوية، في ذلك الوقت، كما أنه حائز على جائزة “عمر أورتيلان” لحرية الصحافة بالجزائر، وتشرف مؤسسته على منح جائزة للصحافة الاستقصائية كل سنة
Be the first to write a comment.