” لم اريد ان اكتب تعزية قبل ان أعرف تفاصيل الحادث لاننا في صعيد مصر لا نقبل العزاء قبل ان نعرف التفاصيل و ان نعرف الفاعل ! الله هو المنتقم ! و هو الذى سيأتى بحق الضحايا .. عزائى لمصر كلها بكل المسلمين والمسيحيين لأن كل من يعبد الله حزين” رابط .
كان لهذه الكلمات أن تمر مرور الكرام و هو كلام عادي يمكن أن يقوله أي مصري من أهل الصعيد – جنوب مصر- الذي يتميز قليلا عن سكان شمالها من أهل القاهرة و الدلتا بحضور ثقافة الثأر بشكل أكبر نظرا لطبيعة المجتمع القبلية المحافظة على عاداتها وتقاليدها ومنها أن أهل القتيل المغدور لا يقيمون عزاء ولا يقبلون تعزية من أحد في قتيلهم إلا بعد الأخذ بالثأر من قاتله.
لكن ما جعل هذه العبارة مختلفة هي أنها صدرت من شخص يمثل في الذهنية الشعبية لدى المصريين الذراع والنفوذ السياسي والاقتصادي للكنيسة القبطية بمصر ولدى العامة من الشعب المصري شعور أن شخص الكاتب يتمتع بحماية كبيرة تفوق أعلى هرم السلطة والنفوذ الحقيقي في مصر وهو المجلس العسكري الذي يضم كبار العسكريين من رجال الجيش.
نشر المهندس نجيب ساويرس هذه الكلمات على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر تعليقا منه على حريق اندلع بإحدى الكنائس أثناء إقامة قداس صباحي الأحد، 14 أغسطس/ آب 2022 في العاصمة المصرية وهي “كنيسة أبو سيفين”، في حي إمبابة الشعبي بمحافظة الجيزة، وهي ضمن ما يعرف بالقاهرة الكبرى، و تسبب الحريق في مقتل 41 شخصا بينهم 15 طفلا.
وقد أثار تعليق ساويرس ضجة كبيرة واستنكار من أغلب متابعيه حتى أنه دخل في سجال مع أحد الصحفيين المقربين من السلطة وهو الصحفي مصطفى بكري الذي تسائل قائلا
“ماذا يريد نجيب ساويرس ، ولماذا يسعى دوما إلى إشعال الفتنة في الوطن ، بينما الجميع في حالة حزن على ضحايا حريق الكنيسة من أهلنا وأطفالنا ، يخرج علينا نجيب ساويرس ليقول أنه لن يتقبل العزاء إلا بعد معرفة الفاعل ! هكذا يأتي ساويرس مخالفا للحقائق وشهادات الكنيسة نفسها عن أسباب الحريق متهما بأن الحريق بفعل فاعل ، إتق الله في الوطن ياأخ نجيب ، لمصلحة من نشر الأكاذيب والادعاءات التي تبغي من ورائها إشعال الحريق في الوطن ؟! ثق ياساويرس أن أكاذيبك لم تعد تنطلي علي أحد ، سؤالي لك هل ذهبت للمستشفى لمتابعة أحوال المصابين ، هل فعلت شيئا ، هل فكرت في ترميم الكنيسة ، هل حضرت تشييع الجثامين الطاهرة ، إتق الله فينا وفي الوطن ، الناس مكلومه وحزينه وأنت ترسل ببرقيات الفتنه من الجونة أو الساحل ، مصر بأهلها ولأهلها الشرفاء….. انتهى كلام بكري.
لكن بالنظر في تعليق ساويرس ورد بكري يتبادر السؤال الأهم و هو ما الذي يجعل من حادث حريق نشب في أحد دور العبادة مادة لفتنة طائفية تطال ألسنة اللهب فيها عموم البلاد من شرقها لغربها ومن جنوبها لشمالها أترك للمتابع للحالة المصرية الفرصة ليسمح لخياله أن يتصور تبعات فرضية أن تكون الحادثة بفعل فاعل و أن يكون مسلما هو من قام بها كيف سيكون الموقف وهل تعليق ساويرس كان يتضمن تهديداً و إن كان فلمن ولحساب من ؟.
حاولت أن أبحث و أتتبع ذلك من خلال دراستي لنيل درجة الماجستير في علم الاجتماع وموضوع الدراسة هو تأثير تنامي أدوار الكنيسة السياسية والاجتماعية والاقتصادية خلال القرن العشرين على المجتمع المصرى بمسلميه ومسيحييه.
لا يخفى على أحد حالة الاحتقان الطائفى والشعور بالتمييز الاجتماعي من كلا الجانبين في المجتمع المصري سواء كان مسلما أو مسيحيا وهو ما سببه تعاظم دور الكنيسة وحضورها في المجال العام بشكل أكبر وخلاف لدورها الروحى الحقيقي وهو ما حذرت منه قيادات بالكنيسة وتصدى له تيار كبير من الأباء الكهنة تزعمه الأب متى المسكين في مواجهة تيار التسييس والذي قاده البابا شنودة.
نحن اليوم نجنى ثمار تغلب تيار السياسة بالكنيسة المصرية على التيار المحافظ على تعاليم كتابه المقدس ودور الكنيسة الروحي المتمثل في الحفاظ على إيمان شعبها وتقديم خدماتها الروحية.
حول تيار السياسة الكنيسة الى ما يشبه الحزب السياسي الذي ينافس على السلطة وقد حاز مكاسب حقيقة وكسب معارك وجولات ضد الدولة وضد المجتمع لصالح فكرة الكنيسة الحزب.
ولكل شيئ في حياتنا فيه مكاسب لابد من أن تلحق به خسائر لكن قد تكون الخسائر في طاقة التحمل قبيل الانفجار لدى المجتمع وهو ما نراه و نرقبه اليوم في حالة الشعور العام بالخوف والترقب من قبل كل الأطراف لأى ساعة قد تندلع فيها شرارة الفتنة.
تعليق السيد ساويرس يحاول تشكيل الصورة على أن حريق اندلع في مقر حزبه أدى الى مقتل 41 من أعضاء الحزب ولم يقدم العزاء ولم يقبله حتى يعرف الفاعل الحقيقي وما إذا كان سيثأر منه أم كيف سيتصرف معه و أعاد إلى أذهان المصريين حريق مبنى الحزب الوطني المطل على نهر النيل بالقرب من ميدان الثورة أثناء ثورة ٢٥ يناير و مع الانفتاح والتفاعل السياسي الذي قدمته ثورة يناير وحوادث حرائق مقرات الأحزاب مثل حزب مصر القوية وغد الثورة والدستور ومقرات حزب الحرية والعدالة وأيضا مقرات جماعة الإخوان وفى مقدمتها مقر مكتب الإرشاد بالمقطم.
هذه الصورة التي تقول ان مقرات القوى السياسية تتعرض للحرق هي نفسها التي يكتب من خلالها ساويرس المعبر عن صوت الكنيسة وإن كنا نرى أن حرق المقرات هو ضريبة العمل السياسي والاشتباك مع المجتمع فالأمر مع الكنيسة هنا مختلف تماما فالكنيسة في الحقيقة ليست قوة سياسية وليست حزبا أو جماعة تمارس السياسية بل هي مؤسسة دينية روحية تعمل على خدمة روادها روحيا ودينيا.
وبالتالي فإن الخطر أكبر و ممتد وقد لا يمكن احتوائه وهو ما حذرنا منه في توصياتنا بدراستنا لـ “تنامي دور الكنيسة القبطية خلال القرن العشرین و أثره على المجتمع المصري” وهو أيضا ما حذر من القس متى المسكين فى كتابه الكنيسة والدولة الطائفية والتعصب.
ويعبر بطريرك الكنيسة بابا الأقباط الأنبا تواضروس الثاني المعروف أيضًا بـ بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الـ 118. عن نفس المعنى حيث يقول إنه ” تمن الحرية ” عند اجابته على سؤال بخصوص الادعاء بحرق عدة مباني قيل أنها كنائس لم يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة لكن الاستغلال السياسي والغرض الأساسي من الإدعاء جعله يواصل المزايدة بالرقم من ٢٠ إلى ٢٨ ثم الى أربعين وبعد أن كان تواضروس نفسه أكد العدد بأنه خمسين تراجع وقرر المزايدة ليصل به إلى ١٠٠ كنيسة مثلما فعل السيسي بالضبط حيث كان السيسي قد قال في إطار تبريره للانقلاب على المسار الديمقراطي في ٣\٧ طمعا منه في السلطة وأنه كان بغرض حماية الكنيسة والأقباط من المتطرفين الذين كانوا في السلطة وقتها والذين أحرقوا ٥٠ كنيسة ثم تراجع السيسي نفسه في مرة أخرى وزايد بالرقم ووصل به لـ ٧٥ كنيسة ليقول أنه هنا لحماية الأقلية المسيحية من سطو الأغلبية المسلمة وكان ساويرس قد رد في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر على إحدى متابعيه بقوله انتي نسيتي ال ٦٠ كنيسة اللي الأخوان حرقوها بعد ٣٠ يونية \ حزيران ؟
قد وثقت هذا التضارب وتلك المزايدة بنفسي من خلال فيديو كنت قد أعددته لصالح أحد البرامج التلفزيونية وقد نشرته على موقع التواصل الاجتماعي يوتيوب.
مزاد القس والجنرال
وأنا هنا في إطار دراسة الأثر الاجتماعي لتعاظم دور الكنيسة السياسي لن أهتم بتفنيد تلك الرواية وهذا الادعاء بأن معارضي الانقلاب العسكري ومؤيدي الشرعية الدستورية والإرادة الشعبية قاموا بجريمة حرق دور عبادة المسيحيين على الرغم أن العكس هو ما كان يحصل وقت الثورة في يناير ووقت ثورة الشعب المصري ضد الانقلاب العسكري عليها حيث كان شباب التيار الإسلامي يحيط بالكنائس ويكونوا درعا بشريا لحمايتها من الاعتداءات أثناء مرور تظاهراتهم بالشوارع التي تقع بها كنائس وهذا موثق في أكتر من مكان وأكثر من زمان.
الكنيسة فى حماية رافضى الانقلاب بمسيرة مسجد خاتم المرسلين
مسيرة الهرم تحمي الكنيسة
لكني سأعتبر كلام البطريرك وكلام الباباوات السياسيين وساويرس صحيحا وهو أن شعب الكنيسة تعرض للهجمات جراء الانقلاب العسكري وعقب مجزرة رابعة التي أيدتها الكنيسة وأن هذا كما وضحه تواضروس هو تمن الحرية معنى ذلك أن البابا يعرف ويعترف أن تنامي دور مؤسسته السياسي له ثمن وهو ما توصلنا إليه في دراستنا أن قيادة الكنيسة تغامر و تقامر بشعبها وبمصريه وهو ما قد يهدد الوجود المسيحي بالكلية في مصر.
والمعنى الذي تريد الكنيسة قوله هو أنها دفعت تمن تحالفها مع سلطة الانقلاب ضد إرادة الأغلبية المسلمة والسؤال ما الموقف عندما تنهار هذه السلطة الانقلابية وتنفك قبضتها ما موقف العديد من الأشخاص الذين يشعرون بالتمييز الديني و قد ثقت شهاداتهم في صعيد مصر يعانون من ما وصفوه بـ استقواء الكنيسة بجهاز الأمن الوطنى ” مباحث أمن الدولة ” في أي خلاف وإن كان صغيرا ضد جيرانهم المسلمين في قرى وكفور ونجوع مصر.
لماذا وصل المجتمع الى هذا المستوى أن يشعر أهالي قرابة العشرة آلاف شهيد قتلتهم الألة العسكرية في إطار حرصها على السلطة أن للكنيسة دور في قتلهم بداية من ثورة يناير التي اتخذت الكنيسة موقفا معارضا لها مرورا بالانقلاب ومجزرة رابعة وأن الكنيسة تربط مصيرها بمصير السلطة التي تحبس قرابة الربع مليون مصري في سجونها و ما هي نظرة الناس للكنيسة التي تدعم وتؤيد سلطة فرطت في حقوق الشعب في نهر النيل وثروات المتوسط وباعت قطعة من أرض الوطن لدولة أخرى جزيرتي تيران و صنافير وأغرقت البلاد في الديون ودمرت اقتصادها وأصبحت على شفا الإفلاس ما الذي يضطر الكنيسة ان تغامر بشعبها في معركة خاسرة كهذه أين العقلاء من أبناء الكنيسة وأين أبناء وتلاميذ الأب متى المسكين ألم يكن أولى بالكنيسة أن تترك ما لقيصر لقيصر وتنشغل بما لله و علاقة بين الإله وضمير الإنسان بعيدا عن السياسة.
ونرجع الى كنيسة أبو سيفين لنتعرف على السبب الحقيقي الذي تسبب في الكارثة سنجده الإهمال والتقاعص عن وانعدام الخدمات وتأخر الإسعاف وقوات الدفاع المدنى للسيطرة على الحريق كل هذه هي جرائم السلطة التي تتمتع بدعم وتحالف الكنيسة على حساب حكم دولة القانون والشفافية والديمقراطية والمحاسبة .
وبالعودة لتاريخ الكنيسة التي كانت تراعي دورها بشكل جيد وتعرفه وتقوم به على أكمل وجه عندما كانت ترفض التحالفات السياسية ولو حتى مع كنائس أخرى وهو ما نجده عندما وقف البطريرك يؤانس الثامن عشر ضد محاولات البابا في روما استدراجه وضمه لتحالف سياسي وبعث بابا روما مندوباً عنه إلى مصر يحمل رسالة يدعو فيها البطريرك القبطي للإتحاد معه، ويعرض عليه مشروع خطاب أعدته كنيسة روما ليكون صيغة المصالحة بين الكنيستين، على ما بينهما من خلافات عقائدية، وطلب إلى البطريرك المصري أن يوافق على هذا الخطاب ويرسله إليه لإعلان الاتحاد بين الكنيستين.
ويمكن تصور ظروف هذه الفترة، التي بزغ فيها نجم الحضارة الأوربية، وأصبحت ذات قوة إقتصادية وعسكرية، وذات هيبة وانتشار وأطماع، وهي ذاتها الفترة التي كانت فيها مصر وما حولها ترسف في أغلال من التخلف بعد سابق إزدهار مجيد في العصر الوسيط، وكل ذلك يشكل ظرفاً مواتياً لتحقيق الأطماع الأوربية، على أن البطريرك القبطي رفض تلك الدعوة، وكلف أحد كبار اللاهوتيين من الأقباط، الأنبا يوساب الأبح، بإعداد خطاب يرد فيه بالرفض على دعوة الإتحاد، فجاء الخطاب مشتملاً على أقسى أنواع العنف والسخرية والتهكم من العرض الرومي، ورد به: “وأني لأعجب من كثرة ذكاوة عقلكم ودقة فهمكم الرفيع، الذي لم نره من أحد قط من مدة كبيرة، وما ينبغي على ألف ومائتين سنة، وما سمعنا بأحد من المرسلين من قبل البابا الروماني كتب من عنده صورة رسالة إلى آبائي البطاركة الذين سلفوا قبلنا، ويعرفه فيها أن يكتبها للبابا الروماني ويخضع له ويصير تحت إعتقاده كما صنعتم أنتم”…
خلافا الان لما يسمى اتحاد الكنائس المصرية والذي لم يرى النور الا وقت وفترة حكم الرئيس محمد مرسي وهو ما يعبر عن طبيعة الاتحاد أنه اتحاد سياسي حتى أنه بعد تخطيه لحدود العقيد والتقاليد والتعاليم فقد تخطى حدود مصر لنرى تحالفات الكنيسة مع الكنائس الغربية في أوروبا واستراليا وأمريكا والشرقية في روسيا .
ويقول الإمام علي -رضي الله عنه-: (إذا وضعت أحداً فوق قدره؛ فتوقع منه أن يضعك دون قدرك)..
هذه الحكمة تُحدّثنا بجلاء أن هناك أحجاما نسبية للأشخاص والهيئات، إذا تم تجاوزها استقواء بأشخاص فاسدين أو ظروف مواتية، فإن ذلك يؤدي لاختلال الميزان وانقلابه.. قال الله عن عاقبة الذين يأخذون ما ليس لهم من مكانة: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[آل عمران: 188].
للأسف؛ فإن بعض الطوائف أو الأقليات تنظر تحت أرجلها، ولا تستشرف المستقبل، ولا تقرأ تجارب أسلافها، مما يُوقعها في الشَرَك، وقد يُؤتى الحَذِر من مكمنه -كما يقولون-، وفي شبيه من ذلك يقول الحسن البصري -رحمه الله-: (العالِم يرى الفتنة وهي مُقبلة، والناس لا يرونها إلا وهي مُدبرة)..
وبيانا للسنة التاريخية أقدم قراءة تاريخية سريعة لتجارب بعض الأقليات الذين استغلوا ظروفا مواتية ليأخذوا ما ليس لهم في مقابل التضحية بمصالح الأغلبية المستضعفة، وما هو مآل ذلك؟!
(1) الأقلية اليهودية في المدينة وفنائهم بسبب الاستفزاز والخيانة!
في عام 622م، هاجر النبي محمد ﷺ إلى يثرب، وعقد صحيفة المدينة بين المسلمين واليهود، ونصت على أن لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، وهم أحلاف إذا تحاربوا وألا يغدر أحدهم بالآخر، وتزايدت أعداد المسلمين لكن لم يُزدهم ذلك إلا احتراما لحقوق اليهود، وحفاظا على عهدهم.
وفي عام 624م، وقعت غزوة بني قينقاع، وتذكر بعض الروايات أن سبب الغزوة ما حدث لتلك المرأة المسلمة الأنصارية، التي كشف أحد الصاغة اليهود جسدها في السوق، وأدى ذلك لتتابع الأحداث من حصار ومفاوضات انتهت بجلاء بني قينقاع عن المدينة.
ثم تلاهم بنو النضير عام 626م، عندما دبروا مؤامرة لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في دورهم، يكلمهم ويتحدث إليهم، فدبروا خطة لإلقاء صخرة عليه من أعلى السطح، فكشف الله له أمرهم، فحاصرهم بجيش من المسلمين، حتى تم إجلاؤهم إلى بلاد الشام.
وفي عام 627م، عندما حاصرت قريش وحلفائها المدينة في غزوة الخندق غدر يهود بنو قريظة بالغدر بالمسلمين وتحالفوا مع المشركين، لذلك بعد هزيمة قريش وحلفائها، حاصر المسلمون قبيلة قريظة، وفي النهاية استسلموا وقُتل رجالهم وسُبيت نسائهم وأطفالهم.
فكان الاستفزاز سببا لجلاء بعض اليهود والخيانة سببا لقتل بعضهم، وأفول نجمهم في المدينة..
(2) نكبة البرامكة بسبب انتفاشهم!
جدُّ البرامكة هو بُرْمُك المَجوسي، كان خادماً لبيت النار، ومع الفتح الإسلامي، أعلن ابنه خالد الإسلام وصار أحد الدعاة للدولة العباسية، وصار يُمهّد لها في بلاد فارس، وتولّى المناصب في عهد أبي العباس السّفاح الخليفة الأول للدولة العباسية، وفي عهد أبي جعفر المنصور أيضاً.
ولمّا بُويِع لهارون الرشيد بالخلافة: كان من أول أعماله أن قَلّد يحيى بن خالد البرمكي رئاسة الوزراء، وقال له: (قد قلّدتك أمر الرّعيّة، فأخرجته من عُنقي إليك، فاِحكم في ذلك بما ترى)، ودفع له خاتمٌ يَختم نيابة عنه، وكان ذلك إيذاناً بحكم البرامكة الفعلي.
أوغل البرامكة في الاعتداء على كل من يمكن أن ينافس العباسيون على الحكم، و تجرؤوا على سفك دماء بَني عليّ بن أبي طالب، وتنوّعت تجاوزات البرامكة فطَالت السياسة، والمال، والأمن، وحتى العدل الذي هو أساس الملك..
وفي لحظة واحدة انتهى أمر البرامكة -على يد هارون الرشيد- بين القتل والسجن والتشريد؛ لأنّهم أقليّة واتتهم الظروف أن يتسلموا الوزارة والإدارة، واستغلوا ذلك في التمكين لطائفتهم الضيقة على حساب مصالح الأمة؛ فوقعت فيهم سنة التاريخ.
(3) الدولة الفاطمية أقلية تستقوي بالأقليات!
الدولة الفاطمية (909- 1171م) رغم إنجازاتها الحضارية، كانت شيعية تحكم شعبًا سنيًّا رافضًا لمذهبيتها؛ ولذلك ظلت الهوة واسعة بين حكامها وبين المحكومين طوال تاريخها.. فعندما لا يكون الحكام ممثلين للشعب يستمدون منه الشرعية والرضا، فإما أن يستندوا إلى “الأجنبي”، وإما أن يستندوا إلى “الأقليات”، ولم يكن استناد الفاطميين إلى “الأجانب” الصليبيين، وإنما كان استنادهم إلى النصارى -غير الأرثوذكس- وإلى اليهود الذين استقووا بسلطة الإدارة والمال، و أوقعوا شتى أنواع المظالم بالأغلبية المسلمة السنية من السكان.
وقد كان عهد الخليفة الفاطمي “العزيز بالله” (955- 996م) نموذجًا لاستعلاء هذه الأقليات؛ فلقد كانت أم العزيز نصرانية ملكانية وذات نفوذ طاغ في البلاط الفاطمي، وكان لها إخوان من البطاركة الملكانيين -أي غير الأرثوذكس- عيَّن الخليفة أوَّلهما “أرسانيوس” مطرانًا للقاهرة (375هـ/ 985م) ثم بطريركًا للإسكندرية (390هـ/ 1000م)، كما عين الثاني “أريسطيس” بطريركًا لبيت المقدس (375هـ/ 985م).
ولهذا النفوذ والاستعلاء النصراني تولى الوزارة في عهد العزيز بالله من النصارى “عيسى بن نسطورس”، و”فهد بن إبراهيم” الذي لقب بالرئيس، و”منصور بن عبدون” الذي لقب بالكافي، و”زرعة بن نسطورس” الذي لقب بالشافي، و”يعقوب بن كلس” ذي الأصل اليهودي، وتولى وزارة الشام اليهودي “منشا إبراهيم القزاز”.
أما الشعب المسلم الذي أوقع النصارى واليهود في صفوفه المظالم وألوان الإذلال، فإنه لم يستسلم وإنما قاوم هذا الجور بألوان كثيرة، ويحكي المقريزي عن هذا اللون من المقاومة، فيقول: “لقد اعتز النصارى و اليهود بعيسى بن نسطورس، و منشا بن إبراهيم وآذوا المسلمين، فكتب أهل مصر قصة عريضة جعلوها في يد صورة (تمثال) من قراطيس (ورق)، و أقاموها في طريق موكب الخليفة وكتبوا فيها: “بالذي أعز اليهود بمنشا، والنصراني بعيسى بن نسطورس، وأذل بك المسلمين، إلا كشفت ظلامتي!!”.
وأخذ العزيز الشكوى وحاول استرضاء الناس بالقبض على الوزيرين النصراني واليهودي، وانتهزها فرصة فصادر من أموالهما شيئًا كثيرًا.
ثم ذهب الفاطميون ومن استقووا بهم، وعادت مصر إلى مذهبها السني الخالص.
(4) جلاء الأرمن بين الأسباب والمبالغات!
على الرغم من سيطرة المسلمين على المجتمع العثماني، إلا أن بعض العائلات الأرمنية تمكنت من الوصول إلى مناصب بارزة في البنوك والتجارة والحكومة. فعلى سبيل المثال، كان كبار مهندسي البلاط العثماني، لعدة أجيال في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، من عائلة البليان الأرمنية.
وقد احتفظ الأرمن بشعور قوي بالهوية القومية تجسد في اللغة الأرمنية والكنيسة الأرمنية، وتعزز هذا الشعور بفضل نظام الملل العثماني الذي منح الأقليات غير المسلمة استقلالية إدارية واجتماعية كبيرة.
وأدى بروز وتعاظم نفوذ النخبة الأرمنية المتعلمة والعالمية إلى إثارة الشك والاستياء بين المسلمين، حيث كان النشطاء الأرمن الشباب فد حرضوا على إقامة دولة مستقلة، فشكلوا حزبين ثوريين هما هينشاك وداشناكتسوتيون في عامي 1887 و 1890.. وزاد نشاط الأرمن فأجج الخوف والقلق بين المسلمين..
وعندما رفض الأرمن في منطقة ساسون في عام 1894 دفع ضريبة مفروضة ودخلوا في قتال ومواجهة مع القوات العثمانية راح ضحيتها عدد من القوات وأيضا عدد الأرمن في المنطقة.
وازدادت شكوك الأتراك تجاه رعاياهم الأرمن الذين ينظرون إليهم باعتبارهم متعاونين مع قوى أجنبية.. حيث ناشد الأرمن القوى الأوروبية إجبار تركيا الفتاة على قبول درجة من الحكم الذاتي في المناطق ذات الغالبية الأرمنية.
وألقى قادة تركيا الفتاة باللوم في هزيمة حرب البلقان الأولى على خيانة المسيحيين في البلقان.
وانتهى الأمر بإجلاء الجنود الأرمن من جيش العثمانيين القتالي، ووقعت أحداث قتل وانتهاكات، أدت لإضعاف الوجود الأرمني وانحساره عن تركيا.
(5) الدروز والاستغلال السياسي من قبل الاحتلال الفرنسي
وصل قمة دعم وتحالف الدروز مع الاحتلال أن أقام لهم دولة ولم يكن ذلك حبا من الفرنسيين لهم بل هو المصلحة المتمثلة في تقسيم المنطقة والسيطرة على الغالبية من خلال دعم الأقلية واعطاهم دولة باسم دولة جبل الدروز وتبع ذلك دعم اقتصادى ونفوذ سياسي في منطقة الشام وبمجرد أن لاحت بوادر زوال الاحتلال زالت معه دولة الدروز وها نحن اليوم نرى حال الأقلية الدرزية بين دولة الكيان الصهيوني ولبنان وسوريا والغريب انه رغم ذلك الانحصار والزوال والأفول الا أنهم لم يتعلموا الدرس فشارك من بقى منهم في لبنان في الحرب الأهلية و فى سوريا دعموا نظام الأسد وفى إسرائيل يخدمون في جيشها ويدعمون الكيان على أمل ووعود كاذبة بإعطائهم حكم ذاتى
(6) وإليك نموذج من مصر وهو يهود مصر وقت الملكية والاحتلال البريطانى وما كانوا يتمتعون به من دعم وعناية ونفوذ سياسي وثروة وقوة اقتصادية وصلت الاحتكار قطاعات من الاقتصاد المصرى و مشاركتهم في الحياة العامة في مصر بدعم من الإنجليز وعاشت الطائفة اليهودية في مصر الملكية أزهى عصورها لكن بمجرد جلاء الاحتلال وانفكاك قبضة الملكية ومع الظروف الإقليمية المحيطة المتمثلة في قيام دولة الكيان الصهيوني نهب الناس أملاكهم وانمحى الوجود اليهودي بالكامل من مصر بسبب المغامرات و المقامرات والتحالفات السياسية الغير محسوبة . وإليك ما حصل معهم بمجرد أن زال الاحتلال وألغيت الملكية من التهجير والاجلاء الكامل بالكلية ومصادرة الأموال والممتلكات وحتى أن ذلك لم يكن تصرف الدولة والحكومة وحدها بل من عموم الشعب الذي كان يشعر بالتمييز ضده لصالح تلك الأقلية
وقد قيل (لا تحزن إذا انفجر البالون في وجهك؛ فأنت الذي نفخته أكثر من اللازم)..
أكتب هذه الكلمات بقلب محب خائف على الوطن وعلى أبنائه الذين من كافة اطيافه
و يحذر الأب متى المسكين فى كتابه الكنيسة والدولة من أخطار تواجه مستقبل الكنيسة بسبب ما أسماها الخدمة الاجتماعية ويوضح أن الخدمة الكنسية التي تكون في حدود اختصاصها ليست لها أخطار ولا يستطيع أحد أن يلومها أو ينازعها سلطانها الإلهى ولكن الخدمة الاجتماعية لا تقف عند حدود فهى تنازع الحكومة في كل الميادين ويتابع الأب متى قائلا : وإلا فالصدام بين الكنيسة والدولة أمر لا مفر منه.
وحيث أننا في مرحلة النعم التي تجلب النعم على القيادة السياسية للكنيسة والتي دفعت تمن الحرية كما أوضح البابا تواضروس من خلال التحالف مع نظام الحكم الانقلابي الديكتاتوري الذي يحكم على غير رغبة الأغلبية من الشعب فالصدام على غرار كلام الأب متى المسكين بين الكنيسة والغالبية من الشعب أمر لا مفر منه.
وهذا ليس استنتاجا شخصيا ولا هو تحليل يحتاج الى تتبع ومراقبة بل رأس السلطة الانقلابية نفسه يصرح بتحالفه السياسي مع قيادة الكنيسة ويعلن ذلك أنه يقدم الحماية مقابل الدعم والمساندة ونرى الكاتب الصحفى عماد أديب يصرح بذلك في صيغة تهديد صريح في مقالة له نشرها بعنوان “وصيّتي الأخيرة لبلادي ورئيسي” يقول فيها هناك خطة لإفساد العلاقة الصحّية الممتازة بين الرئيس وأقباط مصر تحت دعوى عدم توفير الحماية اللازمة لدور العبادة القبطية.انتهى
ليتبادر إلى الذهن السؤال الطبيعى وهو ماذا لو انفجر البلون هل تتحقق نبوءة أو تهديد أديب أن تترفع الحماية المتوفرة أم ماذا ؟ وهل نحن نبالغ عندما نضرب لقيادة الكنيسة التي تغامر بشعبها بالزج به في صراعات سياسية أمثلة من التاريخ آخرها النموذج اليهودي في مصر وما حل به من انهدام الوجود بمجرد ارتفاع الحماية ؟
يرى المتابع لردود أفعال المجتمع المصري عبر وسائل التواصل الاجتماعي على حادث حريق الكنيسة أن عامل التزامن كان مهما جدا وهو الحادث تم في صبيحة يوم ١٤ أغسطس وهو نفس اليوم الذي يحيي فيه غالبية المصري ذكري أبشع جريمة تمت بحقه على يد السلطة في ١٤ أغسطس ٢٠١٣ ما أعاد للأذهان مجزرة رابعة التي أحرقت فيها السلطة العسكرية الحليفة للكنيسة جثث الضحايا وأحرقت المسجد بمن فيه من الجرحى وهو ما كان له أثرا في السجال الذي دار وقت الحادث حيث نشرت صور الواقعتين بجوار بعضهما مصحوبتان بتعليقات تعبر عن شعور بالتمييز لصالح الأقلية التي تقودها الكنيسة.
هل سيترك هذا الصعيدى في كفور ونجوع مصر الذي استقوى عليه جاره المسيحى بجهاز أمن الدولة الذراع الباطشة للسلطة الانقلابية في حال انهارت السلطة وانهار الجهاز هل سيترك ثأره يا بشمهندس نجيب ساويرس يا صعيدي ؟
Be the first to write a comment.